الهند ترفع “صوت الجنوب”…فهل يسمع العالم؟… بقلم: إيمان درنيقة الكمالي

حسنا فعلت الهند عندما استضافت ضمن قمة “صوت الجنوب”، وفي جلسات ١٢ و١٣ يناير الافتراضية، أكثر من 120 دولة من جميع أنحاء العالم، لجمع الجهود وتبادل وجهات النظر، بهدف توحيد الرؤى وبلورة الأهداف التي من شانها فرز نظام عالمي جديد أكثر عدالة ورفاهية لجميع المواطنين.

 

ولا غرابة في ذلك على الهند، فربما كانت الهند أكثر الدول أهلية لاستضافة تجمع كبير كهذا، نظراً أنّها أكبر ديموقراطية، اضافة الى كونها مجتمعاً متعدد الثقافات، متنوع المشارب، وهي إلى جانب ذلك من أكبر دول “الجنوب”، مساحة وسكاناً، وأكثرها نمواً اقتصاديا، وهذا ما أهلها لتكون ضمن مجموعة “البريكس” التي تضم خمسة من أكبر الاقتصادات العالمية.

 

بالعودة الى قمة “صوت الجنوب” بجلساتها العشرة، ومحاورها المتعددة، فهي تمثل رسالة قوية وذات نبرة عالية يفترض ان تصل إلى مسامع “الشمال” الغني، مفادها أن خط الاستواء لا يقسم بين عالمين: عالم مهيمن مسيطر يملك مصادر القوة، وآخر ضعيف مسكين مستسلم لقدره؛ بل هو ليس أكثر من خط وهمي يفصل بين فكرتين مغلوطتين في ذهن المستعمرين والقوى الكبرى: فدول الجنوب ليست السبب في التحديات والمخاطر؛ بل لديها الكثير لتمنحه للعالم: فكراً وثقافة واقتصاداً، ومصادر طاقة ويداً عاملة جادة ومخلصة. وبالتالي فهذه الدول تستحق، بل ويجب أن تتبوأ مكانتها شريكاً أساسياَ في صنع عالم الغد: عالم تسوده العدالة وتكافؤ الفرص، والتعاون واستغلال الموارد بشكل عادل لما فيه خير الإنسان، كل الإنسان. وإذا كانت الدول النامية ترغب في عولمة، إلّا أنّها تريد “عولمة تتمحور حول الانسان، لا عولمة تخلق أزمة مناخ، أو أزمة ديون.”

وحتّى لا يبدو هذا الكلام مثالياً، فإن قمة “صوت الجنوب” وضعت آليات وخططاً وبرامج قابلة للتطبيق، وسمحت ليس فقط للبلدان الشريكة في المجموعة ٢٠، بل ايضا لتلك التي ليست جزءًا من هذه المجموعة بمشاركة أفكارها؛ وذلك انطلاقا من مبدأ التعاون بدلاَ من التناحر، والتكامل محل الاحتكار، والتواصل البناء بدلا من الأوامر والإملاءات.

 

ولأنها تؤمن بأهمية التعاون بين جميع البلدان، وضرورة التشكيل الجماعي لجدول الأعمال العالمي، فقد عنيت الجلسات العشرة بمواضيع عديدة شملت مجالات الصحة، والتعليم، والأعمال المصرفية، والبنية التحتية. كل ذلك انطلاقا من رؤية رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي للفلسفة القائلة “العالم كلّه عائلة واحدة”, “

“The whole world is one family.”

وضرورة العمل وفق أجندة عالمية تقوم على أسس الرد، والاعتراف، والاحترام، والاصلاح

‏”Respond, Recognize, Respect, Reform”.

كل هذه العناوين والمنطلقات، عبّر عنها رئيس الوزراء الهندي مودي في كلمته بالقمة، التي تصلح أن تشكلّ دستور العمل لمجموعة الدول المشاركة في المجموعة ٢٠، نظراً للخبرة الواسعة والمكانة المرموقة للهند في عالم اليوم.

 

عالم اليوم بحاجة ماسة الى التوازن والتآزر، فهل تكون قمة “صوت الجنوب” بداية المسار؟؟؟


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal