لم تخرج الجلسة الـ11 التي عقدها مجلس النوّاب يوم أمس عن التوقعات، إذ سجّلت فشلاً متكرّراً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، منذ الفراغ الرئاسي في 31 تشرين الأوّل من العام الماضي بعد نهاية ولاية الرئيس السّابق للجمهورية ميشال عون.
وسجّلت جلسة يوم أمس، وهي الأولى التي تعقد هذا العام بعد توقف إستمر شهراً عن عقد الجلسات بسبب فترة الأعياد، مشهداً مشابهاً لمشاهد الجلسات العشر السّابقة، إذ خيّم الإنقسام السياسي بين القوى المختلفة على أجواء مجلس النواب، مع تراجع لافت للمرشَحَيْن الأبرز منذ الجلسة الأولى التي عقدت في 29 أيلول الماضي، وهما: الورقة البيضاء من جهة، ورئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوض من جهة أخرى.
فقد كانت حصيلة الورقة البيضاء 37 صوتاً، وهي أدنى حصيلة تسجلها طيلة الجلسات العشر السّابقة، نتيجة إمتناع كتلة التيّار الوطني الحرّ عن الإلتزام بالتصويت لها بسبب التباين بين التيار البرتقالي وحزب الله، وهو تراجع سجله أيضاً معوض الذي نال 34 صوتاً فقط هي الحصيلة الأدنى التي يُسجلها، ما يعكس عدم قدرته وقدرة حلفائه على حشد المزيد من الأصوات له.
غير أنّ جلسة أمس لم تتوقف مجرياتها عند هذا الحدّ بانتظار عقد الجولة الـ 12 التي لم يحدد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي موعداً لها بعد، فقد شهدت تطوراً لافتاً للغاية غير مسبوق، تمثل في اعتكاف عدد من النوّاب داخل بهو المجلس، ورفضهم الخروج منه إلا بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، معتبرين أنّ إنهاء الفراغ الرئاسي يمثل مدخلاً لمعالجة أزمات لبنان، أو فرملتها على أقلّ تقدير.
وترافق هذا الإعتصام النيابي الذي اتسعت دائرته جزئياً بانضمام نوّاب إليه، مع تطورين بارزين: الأول نزول مواطنين إلى الشّارع وقطعه في أكثر من منطقة تضامناً مع النواب المعتكفين، بالتزامن مع دعوات لحشد أكبر اليوم وفي الأيّام التالية وصولاً إلى تحقيق الأهداف؛ بينما التطوّر الثاني كان مالياً بعدما تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق السّوداء عتبة الـ50 ألف ليرة، ما جعل دعوات النزول إلى الشارع تتداخل فيها العوامل السياسية ـ الإنتخابية مع العوامل المالية ـ المعيشية.
هل هذه التطوّرات هي مقدمة لفوضى سياسية وأمنية ومالية حذر منها كثيرون في ضوء استمرار الفراغ الرئاسي، واحتمال خروج الوضع عن السيطرة، أم أنّ الأمر لا يعدو كونه تحرّكاً لا يلبث أن يخمد، ومحاولة لملء الفراغ بانتظار تسوية لم تنضج حتى الآن، وكلمة سر لم تأتِ بعد.
Related Posts