ميقاتي يحشد دوليا وعربيا لدعم لبنان… غسان ريفي

في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الارتقاء بعلاقات لبنان الدولية والعربية من خلال اللقاءات التي يجريها في كل المحافل، والى إعادة وصل ما إنقطع مع دول الخليج العربي وخصوصا المملكة العربية السعودية بما يساهم في طي الصفحة الماضية وفتح صفحة جديدة ناصعة على غرار تلك التي كانت في السابق، يستمر التحشيد الطائفي في البلاد على خلفية إنعقاد جلسة لمجلس الوزراء لمعالجة قضايا الناس، والتي يرفضها التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل بحجة الشغور الرئاسي، ويحاول إستغلالها لإستدراج بعض القوى المسيحية والسياسية الدينية الى موقفه.

يمكن القول، إن حالة الاعتراض الطائفي قد تخطت المنطق وتجاوزت مصالح اللبنانيين، خصوصا أنه لا يوجد هناك رئيس للجمهورية حتى يصار الى تهميشه أو الاعتداء على صلاحياته.

وبات واضحا، أن آفاق إنتخاب رئيس جديد ما تزال مسدودة بالكامل، في حين أن الحكومة لم تجتمع منذ سبعة أشهر، ولا يمكن لبعض القضايا الملحة أن تحل إلا بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء لاقرار الاعتمادات المالية لا سيما للمستشفيات من خلال مراسيم تصدرها الحكومة، فهل يستسلم البلد لمنطق الشغور وتتعرض مؤسساته لشلل كامل من دون النظر الى أصحاب الحاجات الملحة من اللبنانيين؟، وهل الجريمة هي في تسيير مصالح الناس؟، أم الجريمة ما يقدم عليه البعض من لعب على الوتر الطائفي وإستدراج الفوضى الى الشارع؟، أم الجريمة هي في إضاءة شمعة بدل أن نلعن الظلام؟.

في غضون ذلك، يستمر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مساعيه الرامية الى إستعادة وتعزيز ثقة دول العالم بلبنان، بعدما تلاشت هذه الثقة خلال السنوات الماضية التي شهد فيها البلد حالة من العزل الكامل، حيث يحرص على طرح القضية اللبنانية على طاولة صناع القرار في العالم خلال مشاركاته في القمم والاجتماعات الدولية، وعلى إعتماد سلوك سياسي داخلي يهدف الى طمأنة الجميع تجاه لبنان، وهو ما ترجمه خلال الأزمة اللبنانية السعودية والخليجية وأثمر بعد جهد بذله عودة للسفراء وإستئنافا للنشاط الدبلوماسي وإعادة وصل ما إنقطع مع أشقاء لبنان.

وقد توج الرئيس ميقاتي هذه الجهود بتلبية دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمشاركة في القمة العربية ـ الصينية التي عقدت في الرياض، والتي عُقد على هامشها سلسلة من اللقاءات السياسية والاقتصادية كان أبرزها مع الرئيس الصيني شي جينبينغ وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وإذا كان اللقاء مع الرئيس جينبينغ مناسبة للتأكيد على إهتمام الصين بتطوير التعاون الاقتصادي والاجتماعي مع لبنان، وعلى دعمه في كل ما يحتاج ولا سيما في مجال الطاقة المتجددة، فضلا عن وعد بتلبية دعوة الرئيس ميقاتي لفتح الأسواق الصينية أمام الصناعات الحرفية اللبنانية، فإن اللقاء مع الأمير محمد بن سلمان يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية السعودية ـ اللبنانية، وينعكس إيجابا على الخطوات الداعمة فرنسيا وسعوديا للبنان، سواء في الصندوق المشترك أو في مشاريع أخرى قد تبصر النور لاحقا.

لقاء ميقاتي مع بن سلمان تم إدخاله مباشرة ضمن إطار النكد السياسي اللبناني، حيث سارع بعض المتضررين الى الايحاء بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من بن سلمان إستقبال ميقاتي، وهو أمر بعيد عن الواقع، خصوصا أن لا ماكرون يمكن أن يطلب ذلك من ولي العهد، ولا بن سلمان يمكن أن يقبل إملاء من هذا النوع، علما وبحسب المعلومات أن لقاء ميقاتي مع بن سلمان ليس الأول، بل ثمة أكثر من لقاء عقد بينهما بعيدا عن الاعلام، لا سيما في قمة شرم الشيخ وفي مونديال قطر، كما أن الحفاوة الواضحة التي أحيط بها ميقاتي طيلة وجوده في المملكة، تؤكد أن للرجل كشخص وحضور وآداء سياسي تقديرا كبيرا يمكن البناء عليه في مسيرة دعم لبنان.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal