إهتمام سعودي بزيارة ميقاتي.. مقاربة جديدة للمشهد السياسي في لبنان؟… غسان ريفي

كثيرة هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها بعد مشاركة الرئيس نجيب ميقاتي في القمة العربية – الصينية ممثلا الجمهورية اللبنانية بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

أولا: الحفاوة السعودية الرسمية التي احيط بها ميقاتي سواء خلال آدائه مناسك العمرة في مكة المكرمة أو في زيارته الى المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة او لدى وصوله الى الرياض.

ثانيا: الحرارة التي رافقت استقبال ولي العهد الامير محمد بن سلمان للرئيس ميقاتي، وأظهرت كثيرا من الود تُرجم بتبادل اطراف الحديث قبل ان ينتقل ميقاتي الى القاعة التي احتضنت القمة.

ثالثا: إهتمام الاعلام السعودي بزيارة الرئيس ميقاتي حيث اعتبرها زيارة دولة مطلقا عليه لقب “الفخامة”.

رابعا: اللقاءات التي أجراها الرئيس ميقاتي على هامش القمة مع رئيسيّ وزراء العراق والجزائر ومع ولي العهد الكويتي والزيارة التي اعلن انه سيقوم بها الى الكويت مطلع العام الجديد في خطوة من سأمها أن تفتح ابواب دول مجلس التعاون الخليجي أمام لبنان.

خامسا: سعي الرئيس ميقاتي الى إعادة تثبيت حضور لبنان على المستوى العربي عموما والخليجي خصوصا، حيث شدد في كلمته خلال القمة على ضرورة تفعيل تعاون لبنان مع أشقائه العرب.

سادسا: حضور لبنان على طاولة القمة السعودية – الصينية وتخصيص فقرة في البيان الختامي له تؤكد الحرص على أمنه واستقراره ووحدة الأراضي اللبنانية، وأهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز الازمة القائمة.

بدا واضحا من تلك الملاحظات أن تغييرا إيجابيا قد طرأ على الموقف السعودي تجاه لبنان بعد فترة طويلة من إدارة الظهر بفعل توتر العلاقات على خلفيات متعددة، حيث كان التوجه السعودي لا سيما بعد إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي في تيار المستقبل، التعاطي مع بعض الجمعيات والمؤسسات ومع تيار سياسي او اثنين، قبل أن تحصل الازمة الكبرى التي ادت الى سحب سفراء الخليج من لبنان.

في تلك المرحلة سُجل للرئيس ميقاتي أنه سارع الى تبديد هواجس المملكة السعودية ودول الخليج سواء في بعض الاجراءات السياسية العاجلة التي اتخذها، او من خلال التدابير الامنية المكثفة التي ادت الى كشف العشرات من شبكات تهريب المخدرات وصولا الى قيام الاجهزة اللبنانية بابلاغ اجهزة امنية خليجية عن شبكات تعمل في بلدانها.

كما حرص رئيس الحكومة على عدم القيام بأي خطوة تزعج السعودية ومجلس التعاون الخليجي انطلاقا من قناعاته بأن مصلحة لبنان تقتضي ان يكون هناك افضل العلاقات مع كل الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص، ولأن ذلك يصب ايضا في تحقيق المصلحة الوطنية العليا.

هذا السلوك اعاد وصل ما انقطع مع دول الخليج التي اعادت سفرائها لاستئناف نشاطهم في لبنان، وساهم في تفعيل الحضور السعودي والاداء الدبلوماسي للسفير وليد البخاري الذي كثف من تحركاته في اكثر من اتجاه ونظم منتدى الطائف الذي حمل دلالات سياسية هامة، وزار السراي الحكومي عدة مرات وكان آخرها زيارة تسليم الرئيس ميقاتي دعوة العاهل السعودي الى القمة.

امام هذه المستجدات، يبدو ان المملكة تتجه نحو مقاربة جديدة للمشهد السياسي في لبنان معطوفة على تحول واضح في موقفها من بوابة الرئيس نجيب ميقاتي المؤهل للعب دور متقدم، كونه يشكل زعامة فرضت نفسها سنيا ووطنيا وبات يصعب تجاوزها.. فهل يساهم ميقاتي في فتح باب السعودية وابواب الخليج أمام لبنان مجددا؟ وهل يلعب دور المرجعية في معالجة الشرذمة السنية من خلال ايجاد اطار سياسي ونيابي بات ضروريا للحد من الشعور السني بالتهميش؟، وهل تكون زيارة الكويت مطلع العام المقبل مناسبة لتعزيز الحضور الخليجي في لبنان وترجمته في مؤتمرات الدعم التي وعدت فرنسا بعقدها بعد انجاز الصندوق الفرنسي السعودي وانطلاق تقديماته، بما يساعد على خروج وطن الارز من ازماته؟..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal