ميقاتي يدق ساعة الحقيقة في قصر بعبدا!… غسان ريفي

يستأنف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نشاطه السياسي الداخلي اليوم، بعد إسبوع حافل باللقاءات الدولية الهامة على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة الـ 77 في الأمم المتحدة والتي عزز من خلالها حضور لبنان وثقة العالم به وإنتزع وعودا بالدعم الكامل خصوصا ما إذا جرى إقرار الاصلاحات وإنجاز الاستحقاقات الدستورية وفقا لقاعدة “ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم”.

لا شك في أن الحضور المميز للرئيس ميقاتي في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ساهم في تثبيت حضور لبنان على طاولة صناع القرار، وشكل طبقا رئيسيا في بعض الاجتماعات لا سيما الاجتماع الأميركي والفرنسي والسعودي والذي صدر عنه بيان أكد بما لا يقبل الشك بأن “وطن الأرز” غير متروك وأن الدعم الدولي ما يزال قائما ومستمرا، كما أظهرت اللقاءات الدولية الـ15 التي عقدها ميقاتي مع رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية ومسؤولين أمميين فضلا عن رؤساء صناديق والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، قدرة الرئيس ميقاتي على إستخدام علاقاته الدولية وإستقطاب ما أمكن من قادة العالم شرقا وغربا وتجييرها لمصلحة لبنان الذي يحتاج الى كل أنواع الدعم والاحتضان للتحفيف عنه تداعيات الأزمات الكارثية التي تعصف به.

مع عودة الرئيس ميقاتي من المفترض أن تتحرك بعض الملفات الداخلية، خصوصا ما يتعلق بإقرار الموازنة العامة التي يعقد مجلس النواب جلسة اليوم للبت فيها، وترجمة الايجابيات التي سبقت سفره وتنامت خلال غيابه في تفعيل حكومة الـ24 وزيرا مع تعديلات طفيفة ترضي رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد وساطات سياسية أثمرت عن تذليل العراقيل، فضلا عن موضوع ترسيم الحدود الذي ناقشه ميقاتي مع هوكشتاين وهو بدوره من المفترض أن يقدم صيغة العرض النهائي حوله في غضون إسبوعين.

ميقاتي العائد بدعم دولي واضح، سيكون في إستقباله تأييد سني واسع ترجمه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في الكلمة التي ألقاها في اللقاء النيابي الذي إحتضنه في دار الفتوى بحضور 24 نائبا سنيا، مشددا على تسهيل مهمته في تشكيل الحكومة والحفاظ على صلاحياته وعدم السماح بالمس بها، وهو أي ميقاتي كان حصل على تأييد بكركي التي أكد سيدها البطريرك بشارة الراعي أنه يدعم مساعيه في تشكيل الحكومة وأنه “حتى حكومة تصريف الأعمال لا شيء يمنع من أن تتسلم الصلاحيات خصوصا أن رئيس الجمهورية تسقط صلاحياته مع إنتهاء ولايته”، فضلا عن دعم الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط، عدم معارضة القوات اللبنانية، ومساندة حزب الله الذي عمل على تذليل بعض العقبات العالقة لدى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ما يعني أن الحكومة التي من المنتظر أن تتحول الى كاملة الأوصاف بمراسيم رئاسية، من المفترض أن تبصر النور في القريب العاجل لتضع حدا لكل الاجتهادات والتأويلات الدستورية ومحاولات الاصطياد بالماء العكر والتهديد بالفوضى أو بالفتنة، ما من شأنه أن يريح الأجواء السياسية وأن ينعكس ذلك إيجابا على الاسواق المالية.

لا شك في أن “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، ما يعني أن إقرار الموازنة اليوم في مجلس النواب قد يكون لديه مؤشرات إيجابية حول الانسيابية التي يمكن أن تسير بها الملفات أخرى وفي مقدمها تشكيل الحكومة، خصوصا أن الرئيس ميقاتي سوف يدق ساعة الحقيقة في قصر بعبدا، بمجرد زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث في الملف الحكومي والذي لم يعد لديه أي مبرر لعدم التوقيع على مراسيم ولادة الحكومة، إلا إذا كانت “شياطين برتقالية” حجزت مكانا لها خلال فترة غياب ميقاتي في بعض التفاصيل، عندها سيكون الرئيس عون في موقف لا يُحسد عليه وأمام الجميع داخليا وخارجيا.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal