نِصَابٌ بلا رئيس.. والحكومة تنتظر!.. غسان ريفي

تقدم الاستحقاق الرئاسي على الاستحقاق الحكومي، بـ”ضربة معلم” من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي فاجأ الجميع وخالف التوقعات السياسية ووضع الأمور في نصابها الصحيح، بالدعوة الى أول جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس ميشال عون تُعقد اليوم. 

مع دعوة الرئيس بري، دخل الاستحقاق الرئاسي مرحلة الجدّ، خصوصا أن التعاطي معه منذ دخول المهلة الدستورية في أول أيلول الجاري لم يكن على قدر من الأهمية، في وقت غرق فيه المرشحون الطبيعيون في إسدال المواصفات والمعايير على أنفسهم وتهشيم بعضهم البعض، في حين ما تزال المعارضة تبحث عن جنس الملائكة للوصول الى رئيس بمواصفات نموذجية نادر الطراز، فيما المرشح الجدي سليمان فرنجية يدرس ويتابع مع حلفائه ومع كل من يلزم السبل الكفيلة بإيصاله الى قصر بعبدا، في حين أن التوقعات تشير الى إمكانية وجود ورقة أو أكثر رابحة قد تظهر في الوقت المناسب..

بات واضحا أن أحدا لن يجرؤ على مقاطعة الجلسة النيابية، سواء لعدم تحمل وزر التعطيل أمام المجتمع الدولي الذي يدعو بكل أطيافه الى ضرورة إنتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية، أو خوفا من أن تؤدي مقاطعة أي فريق الى خروج مرشحه من السباق الرئاسي، فضلا عن الحرص على عدم التناقض في المواقف، خصوصا أن كل الكتل النيابية تتحدث عن أهمية هذا الاستحقاق وإنجازه في موعده، وإن كانت لا تتوافق على مرشح واحد أو على مواصفات واحدة أو على توجهات محددة.

لذلك، فإن النصاب سيكون مكتملا في الجلسة النيابية اليوم، وربما لن يغيب عنها أي نائب باستثناء من هو خارج البلاد وقد فوجئ بدعوة الرئيس بري ولم يتمكن من العودة السريعة للمشاركة، لكن، هل سيكون للبنان اليوم رئيسا للجمهورية؟.

تشير المعطيات الى أن الاختلاف في وجهات النظر بين الكتل النيابية حول المرشحين، لن يمكّن أي منهم من الحصول على الثلثين في الجلسة الأولى، ولا على الرقم الأكثري والذهبي 65 صوتا فيما بعد، في حين تخشى بعض الكتل التوجه لانتخاب مرشحها خوفا من عدم حصوله على عدد وازن من الأصوات ما قد يؤدي الى إحراقه أو الى قطع الطريق أمامه، كما حصل في الجلسة الأولى في العام 2016 مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي إنتظر 45 جلسة قبل أن يفقد الأمل ويتجه لدعم ميشال عون، لذلك فإن كثيرا من الكتل تزين موقفها من الاستحقاق الرئاسي بميزان الذهب، وبالتالي فإنها لن تتسرع، لكنها ستبدأ بالعمل الجدي في هذا الملف، خصوصا بعدما نجح الرئيس بري في وضع رئيس الجمهورية الجديد على سكة الانتخاب.

من هنا، فإن الورقة البيضاء قد تكون الحل الأمثل لأكثر من 60 نائبا، بينما ستتوزع الأصوات الباقية لا سيما تلك التي تميل الى المعارضة والتغيير بين بعض المرشحين ولمرة واحدة فقط، ومن ثم يتم تأجيل الجلسة الى وقت لاحق إفساحا في المجال أمام مزيد من المشاورات بانتظار المرشحين الجديين.

في غضون ذلك، ما تزال عملية تأليف الحكومة تراوح مكانها بإنتظار الالتزام بما تم الاتفاق عليه قبل سفر الرئيس نجيب ميقاتي الى نيويورك، وتبريد بعض الرؤوس الحامية التي تسعى الى إقتناص الفرص، وفرض الشروط التعجيزية التي لم يعد لها مكان في المشاورات الحكومية.

وفي هذا الاطار، تشير المعلومات الى أن تأليف الحكومة لم يسقط، لكنه يحتاج الى بعض الوقت إفساحا في المجال أمام الوساطات الجارية التي يتوقع كثيرون أن تتكلل بالنجاح خصوصا أن الحكومة لم تعد ترفا، بل هي أصبحت مطلبا سياسيا لأكثرية التيارات التي تخشى من تطورات في حال حصل الشغور الرئاسي ناتجة عن مغامرات غير محسوبة النتائج.  


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal