على وقع اقتحام المصارف من قبل المودعين في سبيل استرداد اموالهم، تمّ تطيير نصاب جلسة مجلس النواب المنعقدة امس، والتي كانت ستنتهي بالتصويت على الموازنة التي تضم في بنودها رفع الدولار الجمركي، والذي انقسم الشارع كالعادة بين مؤيد ورافض له.
فلماذا الاصرار على اقرار الدولار الجمركي وما هي انعكاساته على الاقتصاد لا سيما وأن أسعار المواد اساسا ًمرتفعة والقدرة الشرائية للمواطن تتدنى يوماً بعد يوم؟
في السياق، يشير وزير الصناعة في حكومة تصريف الاعمال جورج بوشكيان الى ان “الحكومة تقوم بالاجراءات الضروريّة للمحافظة على المالية العامة واستقرار النقد واستمرار دوران عجلة الاقتصاد وتعزيز الصادرات وتخفيف الاستيراد وتقليص الفارق بين الصادرات والواردات وبالتالي تخفيض العجز في الموازنة وتأمين مداخيل اضافية تمكّن الدولة من الايفاء باستحقاقاتها، وتتيح للوزارات والادارات العامة أن تقوم بواجباتها التشغيليّة ودفع الرواتب للموظّفين”. ويضيف “أمام هذه العناوين، لم يعد الحديث عن اصرار الحكومة على اقرار الدولار الجمركي في مكانه. واصبح طرح الموضوع بهذا الشكل وكأنّ الحكومة تلجأ إلى تدبير سلبي، بينما هو في الواقع حلّ ضروري ولا بدّ منه لرفع مداخيل الدولة بواسطة تعديل جبايات كانت غير واقعية على كماليات وسلع تخرج في الأساس عن الطاقة الشرائية للمواطنين أصحاب الدخل المحدود. ويمكن التأكيد أن رفع الدولار الجمركي لن يلحق الضرر بالاقتصاد ولن يسبّب ركوداً أو يرفع نسبة البطالة. هذا التدبير سيرفع مستوى معيشة المواطنين عبر تدعيم قدرة الدولة على القيام بواجباتها وصيانة البنى التحتية والاستشفاء والتعليم، كما سيرفع مستوى معيشة العاملين في القطاع العام. لأنه من غير الممكن الاستمرار على هذه الحالة وابقاء االدولة تجبي وفق الرسوم القديمة المتدنّية جداً”.
وحول التداعيات المترتبة عن عدم اقرار الدولار الجمركي، فيرى وزير الصناعة ان “المجتمع الدولي يراقب ما يجري في لبنان بأدقّ التفاصيل، وينتظر أفعالاً جادّة على المستوى الاصلاحي، لجهة توحيد صرف العملة، اعادة هيكلة القطاع المصرفي، الاصلاحات الضريبيّة، حماية التعليم وتطوير النظام التربوي، دعم القطاع الصحّي والاستشفائي”.
ويتابع “أعتقد أن هذه الخطة تصبّ في إطار السياسة الاصلاحيّة. قد يتأخّر اقرار الدولار الجمركي، لكني أرى أن هذا التدبير سيقرّ عاجلاً أم آجلاً. خزينة الدولة بحاجة الى مداخيل لسداد المترتّبات عليها، ولكي نخرج من نغمة الموازنات التقليدية القائمة، الى اقرار موازنات اصلاحية تلحظ دعم الاستثمار والمشاريع الانتاجية”.
ورداّ على سؤال حول كيف سيتم التعامل مع حزب الله في ظل رفضه لاقرار الدولار الجمركي، يعتبر بوشكيان أنه “لا يمكن طرح السؤال بهذه الطريقة. فلحزب الله كتلة نيابية في المجلس النيابي، ولديه وزراء أو حلفاء أو أصدقاء يمثّلونه في الحكومة، وهم يعبّرون عن موقفه في كلّ ملّف أو قضية مطروحة. كما أن الحزب ليس الجهة السياسية الوحيدة الرافضة لاقرار الدولار الجمركي قي هذه الظروف وفي هذا التوقيت. هناك جهات مؤيّدة، وأخرى متحفّظة، وجهة ثالثة لديها موقفها من الموضوع، وهناك جهات معترضة ورافضة”. ويختم بوشيكيان كلامه: “هذا التنوّع في المواقف سمة من سمات نظامنا البرلماني والتعدّدية الديمقراطية”.
اذاً فيما يجهد اللبنانيون في تأمين لقمة عيشهم في بلد بات اشبه ب “حارة كل مين ايدو الو”، يستمر البحث عن ايجاد سعر مناسب للدولار الجمركي الذي تعوّل عليه الحكومة في تحقيق المزيد من الايرادات وسط انقسام سياسي عامودي. وعليه يبقى لزاماً ملاحظة ان اقرار الدولار الجمركي من دون خطة اقتصادية يكون اول بنودها توحيد سعر الصرف يبقى لزوم ما لا يلزم. فهل يتم تدارك الامر قبل الانفجار الاجتماعي – الاقتصادي الكبير؟
Related Posts