هل يستطيع لبنان بوضعه الحالي توقيع اتفاقية الترسيم؟… ديانا غسطين

تمخّض هوكشتاين فولد اتفاقاً يتيماً الا من بعض الأرقام والاحداثيات الموزعة على عشر صفحات، حيث يتّضح مما تمّ تسريبه منها انها مجحفة بحق لبنان وتكرّس مصالح العدو الإسرائيلي.

وفيما اعلن المسؤولون اللبنانيون الحاجة الى دراسة تقنية لما وصلهم من الوسيط الأميركي قبل الإعلان عن الرد السياسي، تجلى الانقسام  لدى كيان العدو على فحوى مضمون الاتفاق، في السجال الحاصل بين رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد والسابق بنيامين نتنياهو.

وفي وقت تشير المعلومات الى انه من الصعب توقيع الاتفاق قبل انتخابات العدو الإسرائيلي في الأول من تشرين الثاني المقبل، هل سيتمكن لبنان بكيانه السياسي الحالي من توقيع الاتفاق؟

في السياق، تنص المادة 52 من الدستور المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقانون الدستوري الصادر في 9/11/1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/09/1990، على انه ” یتولى رئیس الجمهوریة المفاوضة في عقد المعاهدات الدولیة وإبرامها بالاتفاق مع رئیس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب علیها حینما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالیة الدولة والمعاهدات التجاریة وسائر المعاهدات التي لا یجوز فسخها سنة فسنة، فلا یمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب”.

وعليه في قراءة بسيطة للمادة ومحاولة تطبيقها يمكن استخلاص ما يلي: اتفاق ترسيم الحدود هو اتفاق مصالح سينتج عنه فائدة مادية للطرفين. فإذا ما أُريد ابرامه يجب ان تكون هناك حكومة فاعلة وليس حكومة تصريف اعمال. فالأخيرة لا تعقد اجتماعات دورية الامر الذي يعرقل امكانية الحصول على موافقة مجلس الوزراء. 

من جهة اخرى، من واجب الحكومة ان تطلع مجلس النواب على مضمون هذه الاتفاقية لا سيما وانها متعلقة بحدود الدولة اي مصلحتها وسلامة اراضيها. اضف الى ذلك، ان المردود المادي لبيع النفط والغاز المستخرج وفق هذا الاتفاق سيدخل الى خزينة الدولة عبر وزارة المالية، خاصة وانها، اي الاتفاقية، ليست من النوع الذي يجوز فسخه سنة بعد سنة، اي ان موافقة مجلس النواب لأجل اتمام ابرامها ضرورية.

كل هذا يحصل وسط لغط حول الدور الذي يلعبه مجلس النواب في هذا الظرف، لا سيما وانه يعتبر منعقداً في دورة استثنائية منذ 21 ايار 2022 اي بعد استقالة الحكومة اثر الانتخابات النيابية بحسب البند 3 من المادة 69 من الدستور، بالاضافة الى ما تنص عليه المادة 75 على ان “المجلس الملتئم لانتخاب رئیس الجمهوریة یعتبر هیئة انتخابیة لا هیئة اشتراعیة ویترتب علیه الشروع حالا في انتخاب رئیس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر”. وفي سياق متصل هناك رأي دستوري يقول بأنه يمكن لرئيس مجلس النواب والمسؤول عن جدول اعماله ان يضمنه امراً آخراً غير انتخاب الرئيس، وقد تم اعتماد هذه الطريقة ابّان الفراغ الرئاسي قبل انتخاب الرئيس عون من اجل عدم شلّ عمل المجلس النيابي آنذاك. الا ان ما يجب الانتباه اليه هو ان البرلمان لا يمكنه اجازة ابرام هذه المعاهدة قبل تشكيل حكومة ونيلها ثقة اعضائه.  

الى ذلك، تجدر الاشارة الى ضرورة التنبه من ان الجزء الجنوبي من حقل قانا سيبقى سيبقى تحت سيادة العدو الاسرائيلي الذي لن يسهّل المهمة على شركة توتال، والتي هي اصلاً مليئة بالالغام التقنية، الامر الذي سينعكس سلباً على لبنان لا سيما وان العقد مع توتال ينص على حفر بئر واحد في البلوك رقم 9. كما ان موضوع التعويض للمادي للعدو والذي ستتولاه توتال يعني ان حقل قانا قد بات تحت سيادة الشركة من جهة والكيان الصهيوني من جهة اخرى ولم يعد للبنان اي سلطة عليه.

اذاً، ومقابل حصولهم على بعض التنفيعات والمصالح هنا وهناك، يبيع المسؤولون اللبنانيون مواطنيهم انتصاراً وهمياً قضم جزءاً لا يستهان به من الحدود البحرية، وسمح للعدو الاسرائيلي بالبدء بالتنقيب واستخراج النفط من حقل كاريش. اما الانتصار الحقيقي فأولى خطواته تكون بتعديل المرسوم 6433 وايداعه الامم المتحدة لتصبح حدود لبنان البحرية عند الخط 29 وكل كلام مغاير لذلك يبقى هباء ولزوم ما لا يلزم.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal