ضجيج مبالغ فيه بقضية المطران الحاج.. والمزايدات تنذر بمخاطر!!… غسان ريفي

تكثر المزايدات في الشارع المسيحي حول أزمة المطران موسى الحاج، ما ينذر بمخاطر ربما لم يحسب لها المزايدون الحسابات الدقيقة في قضية حساسة جدا وعقائدية بالنسبة لطوائف لبنانية بأكملها، وفي وطن قائم على توازنات وتسويات لا يمكن الاخلال بها، لا سيما لجهة ما يحصل على مستوى تحدي الدولة ومؤسساتها وأجهزتها القضائية والأمنية.

اللافت، أن الجميع يحرص على تجاوز الملف القضائي المتعلق بالمطران الحاج الذي خرق الدستور اللبناني وإرتكب خطأ جسيما بنقل أموال ومساعدات من كيان العدو الصهيوني الغاصب، ويتجه أو ربما يلجأ الى التسييس والشحن والتحريض خصوصا أن هذه “البضاعة” رائجة اليوم ورابحة في الاستحقاقات المقبلة لا سيما إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

لذلك، فإن كل جهة تسعى الى إستقطاب الشارع المسيحي برفع سقف الهجوم على القضاء والأمن العام، وإعتماد لغة التحدي، بهدف تعزيز مرجعيتها ولو كان ذلك على حساب الصرح البطريركي الذي يرى كثيرون أنه فقد صفة المحضن الوطني الجامع يوم الأحد الفائت بعدما تحول الى ساحة هتافات إستهدفت مكونات لبنانية لا علاقة لها بقضية المطران الحاج لا من قريب ولا من بعيد.

يبدو أن لزوم التسييس والشحن الطائفي دفع البعض الى الدخول في مغامرة غير محسوبة النتائج، وصولا الى تطويق نفسه بشروط ومطالب وتأكيد على إستمرار المطران الحاج في نقل المساعدات، وهذه أمور ليس بالضرورة أن تتحقق، خصوصا أنه مهما حاول البعض التخفيف من وقع ما قام به المطران الحاج، أو تسييسه أو رمي مسؤوليته على جهات حزبية، فإن القانون في هذا المجال واضح لا لبس فيه، علما أن سلسلة إنذارات وجهت الى المطران الحاج بالتوقف عن التطبيع الذي يقوم به، لكنه لم يمتثل بل ضاعف من حجم المساعدات التي يقوم بنقلها.

واللافت أيضا، أن أحزابا مسيحية خلعت أقنعتها الوطنية وعادت الى مربعها الأول من الفئوية والعنصرية، وحملت “الختم” لتوزيع الشهادات بالوطنية وبالعمالة وبالسيادة، ووصل بها الأمر الى ضرب أسس الدولة برمتها، ووصف القاضي العسكري بما لا يليق بها أولا وبالقضاء ثانيا، علّ ذلك يفتح أمامها باب نيل الرضى البطريركي والشارع المسيحي للدخول الى السباق على رئاسة الجمهورية.

كما لم تتوان أحزاب أخرى عن ضرب تحالفاتها السياسية بتبني قضية المطران الحاج الى درجة الغلو، والعمل على تطييب خاطره بلقاء مع رئيس الجمهورية المفترض أن يكون مؤتمنا على الدستور وعلى سيادة لبنان وعلى رفض أي نوع من أنواع التطبيع سواء كان إنسانيا أو غير ذلك، فيما إعتمدت تيارات على رمادية المواقف لكن ذلك لم يشفع لها لا عند الشارع المسيحي ولا لدى الحلفاء.

تشير مصادر مواكبة الى أن الضجيج الذي أثير حول المطران الحاج، كان مبالغا فيه، وهو كان يمكن أن يعالج من دون اللجوء الى رفع السقوف ومن دون اللعب على الأوتار الطائفية الخطرة، خصوصا أن المسألة قضائية بامتياز وكل المعنيين أكدوا بأن لا أبعاد سياسية لها.

وترى هذه المصادر أن القضاء في لبنان واحد لا يتجزأ، ولا يجوز التعاطي معه باستنسابية، حيث ترى أن كل من يستهدف القضاء اليوم من القوى المسيحية كان يرفع الصوت بضرورة عدم المسّ بالقضاء وضرورة إحترام قراراته وتنفيذها بحذافيرها، فأين أصبحت كل هذه الغيرة اليوم؟، علما أن هناك رجال دين من طوائف أخرى، سبق وجرى توقيفهم من قبل القضاء العسكري لأسباب هي أقل بكثير من السبب الذي توقف فيه المطران الحاج لساعات قليلة، ولم تتجه أي مؤسسة دينية الى وضع البلاد على فوهة فتنة قد تنطلق في أي لحظة.

وتختم هذه المصادر مؤكدة أن لبنان يكفيه ما يعانيه من أزمات وفتن، مستغربة كيف فجأة غابت كل مطالب القوى المسيحية المتعلقة بتشكيل الحكومة ومعالجة الأزمات المعيشية والاجتماعية والاستشفائية والدوائية، وحصرت إهتمامها بقضية واضحة الملابسات تم فيها خرق الدستور اللبناني.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal