لا يُخفى عن بال المراقبين كيف أن الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة وفي ظل اللحظات الحادة التي تمر بالطائفة السنّية في لبنان، يلتقط الرجل اللحظة ليطلق من تحت سقف دار الفتوى مواقفه التي يفهمها البعض على انها خارطة طريق للآخرين يحدد فيها السقف الذي يجب اعتماده إزاء القضية المطروحة.
صحيح ان السنيورة قد فشل في تحقيق هيكيلية ما في الانتخابات النيابية خلافاً لإرادة سعد الحريري وتيار المستقبل الذي استهدف بعض اركانه السنيورة مباشرة باعتباره المتمرد الأول على قرارات من كانوا اولياء نعمته. ولكن في ما بقي “آل المستقبل” خارج الصورة السياسية اليومية لم يتوان “ابن صيدا” غداة الاستحقاق النيابي أن يعلن انه حقّق سبعة مقاعد قريبة منه. ثم يتصدر قراءة بيانات (وربما صياغتها) نادي رؤساء الحكومات السابقين في غير مناسبة حسّاسة، ليصطحب معه الوزير السابق خالد قباني الى دار الفتوى منتصف هذا الأسبوع ويعلن انها كانت مناسبة طيبة للتباحث في مختلف الشؤون والشجون اللبنانية والعربية والإسلامية.
فطالما ليس لديه صفة حكومية او نيابية او قاعدة شعبية، فمن يرفده بهذا الكم من الدعم لتكون له الكلمة الفصل بشؤون وشجون كل المنطقة.
فبعد ان يمر سريعاً على موضوع تأليف الحكومة ويلاحظ أن:”هناك جملة من العراقيل التي توضع في طريق رئيس الحكومة المكلف”. ويرفض البحث في أي تعديل دستوري، أو أية إعادة نظر في أي نص من نصوص اتفاق الطائف. فأنه يذهب الى تحديد شخصية رئيس الجمهورية المقبل حيث يقول:” انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية أمر يقتضي التبصر مليا فيه، وهذا يتطلب أن يكون الاختيار والانتخاب، كما يحدده الدستور، وليس كما درجنا عليه، حيث ساد تفكير خاطئ في الماضي، بأن يكون الاختيار للقوي في طائفته”.
فاذا كان اجتماع الأقطاب الموارنة في بكركي عام 2016 قد حدّد هذه الصيغة. فلماذا يسعى الرئيس السنيورة لنسفها ومن على باب دار الفتوى. وهل كان “أهل المستقبل” ومنذ تولى الرئيس الشهيد رفيق الحريري السلطة مطلع التسعينات وهو الى جانبه يرضون بتدخل أي كان من خارج الطائفة “واحياناً كثيرة من داخلها” بتحديد الشخصيات التي سيتم تعيينها في أي مرفق في الدولة؟
ولم يكتف الرئيس السابق للحكومة بهذا التعبير بل أضاف قائلاً: “…على العكس من ذلك، رئيس الجمهورية يجب أن يكون القوي لدى جميع اللبنانيين، والمقبول من قبل جميع اللبنانيين لكي يستطيع القيام بدوره الحقيقي،… وألا يصار إلى تقزيم الرئيس من خلال بدع وممارسات ومصالح وحصص صغيرة من هنا أو من هناك، وتؤدي في النهاية إلى أن يفشل هذا الرئيس في القيام بدوره الوطني الكبير الذي نتوقعه منه”.
فعلى من تنطبق هذه المواصفات التي طرحها الرئيس السنيورة من على باب دار الفتوى؟والى أية مجموعة سياسية يجب ان تنتمي تلك الشخصية المجهولة؟
ويتابع الرئيس السنيورة قائلاً: “هذا ما يدعونا إلى أن نتنبه ألا يكون بلدنا مكانا من أماكن الصدامات، فيما بين هذه القوى العظمى المتناحرة. وبالتالي، ينبغي العمل الجاد من أجل النأي فعليا بلبنان عن أن يكون في ممرات الأفيال الكبرى. وهذا الأمر يتطلب حكمة شديدة على صعيد انتخاب الرئيس الجديد”.
وهنا تبرز اسئلة متعددة، هل اختيار رئيس الجمهورية الجديد هو الذي سيبعد الأفيال عن الساحة اللبنانية، فهذه الأفيال لم تنتظر في كل الحروب والصراعات التي حصلت على الساحة اللبنانية الانتخابات الرئاسية لتتدخل على ارضنا، بل كانت تفعل ذلك بسبب او بدون سبب. وفقط عندما ترى ان مصلحتها تقضي باشعال الساحة اللبنانية.
فيا ليت الرئيس السنيورة حدّد الشخصية التي يريد إيصالها الى قصر بعبدا وهو جالس في منزله، بدل ان يكون حاملاً مظلة دار الفتوى كما يفعل في معظم المناسبات؟
Related Posts