الحركة الثقافية إنطلياس تناقش كتاب الدكتور نزار يونس في ندوة تعقدها الخميس 23 حزيران الجاري

دعت الحركة الثقافية إنطلياس الى ندوة نقاش حول كتاب الدكتور نزار يونس، عند السادسة من مساء يوم الخميس في 23 حزيران الجاري في مركز الحركة الثقافية إنطلياس دير مار إلياس.

يشارك في الندوة كل من النائب إبراهيم منيمنة الذي سيتحدث عن “الميثاق المغيب بين التعتيم والتضليل، والنائب إلياس جرادة وسيتحدث عن “صناعة الدول قضية جدية جدا بين الدولة والمحاصصة”، والدكتورة زويا جريديني روحانا وستتحدث عن “شراكة الطوائف والدولة المستحيلة في العلمنة”، ويدير الندوة الدكتور علي مراد. ويلي ذلك، مداخلات ونقاش مفتوح حول مضمون الكتاب.

وفي كتابه “الميثاق أو الانفكاك… الطائف ذلك المجهول” يطرح الدكتور نزار يونس اسئلة مشروعة ويحاول إيجاد اجوبة وحلول لما لحق بلبنان من قحط وشح ومذلة، خاصةً في الأونة الأخيرة حيث تشهد البلاد واحدة من أشد الأزمات في تاريخها وعلى كافة الأصعدة.

يتساءل الكاتب هل ان ما حل في الوطن قدرٌ مكتوب؟

ويحاول من خلال مقاربة وقائع تاريخية وسياسية واجتماعية التأكيد على كون المأساة التي نعيشها اليوم ليست قدراً محتوماً، بل هي نتيجة النظام السياسي الطائفي العصي على الاصلاح، كون هذا النظام الذي اتخذ بدعة توافق الطوائف ذريعة لوجوده يحول دون قيام دولة المواطنة الديمقراطية التي تعامل الأفراد كمواطنين في دولة قانون لا كرعايا في كيانات دينية.

فبناء الدولة بنظر الدكتور نزار يونس، قضية جدّية ومعقدة، لكن بداية الطريق لتحقيق هذا الهدف هو ما اتفق عليه في ميثاق الوفاق الوطني الذي تم اقراره في الطائف. حيث يعتبر الكاتب أن هذا الميثاق هو الانجاز الأروع والابتكار الأهم الذي حققه اللبنانيون في تاريخهم الحديث.

فالأوطان ليست حقيقة تجريدية أزلية، بل هي تجسد إرادة اجتماع ما في زمنٍ ما وفي مكانٍ ما للعيش معًا،

وهذا ما سعى اليه اللبنانيون في الطائف. فقد جاء الميثاق كمشروع لبناء دولة لا كمقايضة ظرفية، حيث قام جناحا الوطن بالتنازل معًا لمشروع الدولة اللاطائفية الجامعة، ووضع خطة طريق واضحة لقيامها. والميثاق يدعو بوضوح إلى إلغاء الطائفية وفصل الدين عن الدولة، وبالتالي التخلي عن النظام السياسي الطائفي الفاسد الحاضن لمنظومة المتحاصصين.

وفي هذا الإطار يدعو الكاتب إلى العودة إلى ميثاق الطائف الذي، ومنذ عام 1990، تمّ تعطيله وتشويهه وتهميشه ومنع تنفيذه من قبل سلطة الوصاية وقوى نظام المحاصصة الطائفي الفاسد التي انقلبت عليه بحذاقة مفرطة لحماية مصالحها ووجودها.

ويعتبر الكاتب أن التخلّي عن نظام المحاصصة الطائفي ليس واجبًا أخلاقيًا وحسب بل هو موجب ميثاقي ملزم، وأن أي تحايل في تنفيذ بنود الطائف يعني التنكّر للعيش معًا، وأن لا سبيل إلى قيام الدولة الوطنية الديمقراطية، ما لم يتم التزام المبادئ التي شرعتها وثيقة الوفاق الوطني على قاعدة التوازن بين جناحي الوطن. أما اليوم فقد أصبح من الضروري والملحّ العودة إلى الميثاق وتطبيقه، لأن التنكّر له قد يؤدي إلى تفكيك الوطن وربما إلى زواله.

خسارة الوطن ليست خسارة للمشرق وللعالم العربي وحسب بل أن لبنان اللاطائفي هو حاجة للعالم أجمع، بحسب الكاتب. فلبنان، تاريخياً، مختبر مثالي للعيش معًا، وهو وطن متنوّع ومميّز في تعدديته وثقافته، له مشروعية وجود متجسدة في التاريخ والجغرافيا والكيان والشعب والهوية. المشكلة اليوم ليست في الوطن ولا في الشعب بل هي في النظام السياسي الذي يقوم على المحاصصة الطائفية. هذا هو بالذات النظام الذي أذلّ اللبنانيين وانتفضوا عليه في ثورة 17 تشرين 2019 العاميّة.

يؤكد المؤلف أن للبنان مقوّمات لا مثيل لها للنهوض الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لولا فساد نظامه السياسي المانع لقيام الدولة. وهو يدعو الراغبين بالانتماء الى دولة مكتملة في وطن منيع الى العودة الى البديهيات السياسية والى نقطة البداية أي الى ميثاق الطائف الذي يحمل في طيّاته خارطة الطريق للتغيير بداية من توحيد الهوية الوطنية العلمانية الحاضنة لتمايز الخصوصيات الثقافية والطائفية.

وينحو الكاتب، من خلال مقاربات قانونية موضوعية لإعادة الطائف الى حقيقة كونه عقد تأسيسي ملزم لبناء جمهورية برلمانية ودولة لاطائفية بالرغم من التعتيم والتضليل الذي يحيط به. فهذا الميثاق قاعدة لبناء دولة المواطنة، الدولة الزمنية العلمانية التي تفك التشابك بين الدين والدولة وتعبر عن حيادية السلطة الممثلة لكل المواطنين والمؤهلة لتأمين مصالحهم العامة والخاصة.

أما تنفيذ الميثاق فله آلية واضحة تبدأ بتولي حكومة إنقاذ وطني تلتزم بتطبق بنود ميثاق الطائف بأمانة بداية من منطلقات الحوار الوطني الصريح والشجاع للتحرّر من رواسب النظام الطائفي وإقرار قانون انتخابي ديمقراطي تمثيلي يحافظ على خصوصية الوطن اللبناني التي أقرّها الميثاق ويؤسس لإنتاج سلطة من نساء ورجال دولة يشارك فيها المؤهلون دون تمييز أو تقنين.

يرى المؤلف أن شعبنا اليوم أمام مفترق طريق وفي زمن تقرير المصير، لقد حان الوقت لتجربة نموذج جديد للسلطة، نموذج حلم به آباء القضية اللبنانية، ويحلم به ملايين اللبنانيين المنتشرين في العالم والمناضلين الصامدين في الوطن، وهو إعادة لبنان إلى قائمة البلدان المتقدمة، دولة منجزة تتولى أقدارها سلطة منتخبة أحادية النصاب، حيادية تجاه مواطنيها، تمارس سيادتها على أراضيها وتحتكر بوسائلها الخاصة استعمال العنف المشروع لتطبيق قوانينها دون شريك أو رديف.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal