11 يوماً يفصل اللبنانيين عن موعد الإنتخابات النيابية المرتقبة المقرّرة في 15 أيّار المقبل، وهي أيّام توصف بأنّها “أيّام الجَدّ”، لأنّها أتت بعد انتهاء شهر رمضان المبارك وعيد الفطر، وفيها سترتفع وتيرة التحرّكات والإتصالات تمهيداً ليوم الإقتراع في الصناديق.
هذه الأيّام الفاصلة عن موعد إنتخابات نيابية غير مسبوقة في تاريخ لبنان، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، يرتقب حسب مراقبين بأن تشهد تطورات هامة من شأنها أن تسهم في قلب صورة المشهد الإنتخابي الحالي رأساً على عقب، وأن ترسم مشهداً إنتخابياً جديداً لم يكن متوقعاً، ويعيد حسابات الربح والخسارة إلى نقطة الصفر.
أبرز هذه التطوّرات المرتقبة حسب مراقبين تتلخص بالتالي:
أولاً: لطالما كانت الخشية من تطوّرات أمنية معينة سبب في إبداء كثيرين مخاوفهم أن تؤدي إلى تطيير الإنتخابات النيابية وتأجيلها إلى موعد لاحق، وهذه الخشية لا يبدو أنّها تراجعت في الوقت الحالي، برغم أنّ الأيّام الفاصلة عن موعد الإنتخابات محدود جدّاً، ما يعزز فرضية أنّ الإنتخابات لن تؤجل، وأنّ الأمور والتحضيرات لها تسير بشكل طبيعي.
ثانياً: لا يخفّف العدد الكبير من المرشحين الذي تجاوز ألفاً، ولا عدد اللوائح الذي فاق بنسبة واضحة ما كانت عليه في دورة الإنتخابات الماضية، الإنطباع السائد بأن تشهد الأيّام القليلة المتبقية تطوّرات لافتة، ومفاجآت من قبيل إعلان مرشحين مختلفين إنسحابهم من السباق الإنتخابي، بعض هذه الإنسحابات تعود لمرشحين مغمورين وأخرى تعود لمرشحين لهم حضورهم الوازن شعبياً وإنتخابياً في دوائرهم الإنتخابية ومناطقهم، الأمر الذي من شأنه أن “يخربط” أوراق هذه اللوائح، ويجعل لوائح معينة تستفيد من هذه الإنسحابات بينما تتضرر لوائح أخرى، إلى حدّ بات معه كثيرون يسمّون همساً أسماء مرشحين، بعضهم نواب حاليين وسابقين، لن يكملوا السباق الإنتخابي حتى نهايته.
ثالثاً: منذ إعلان الرئيس سعد الحريري إنسحابه وتيّار المستقبل من المشهد الإنتخابي، وعدم ترشحه شخصياً أو ترشّح أحد باسم التيّار الأزرق، وتجميد عمل الماكينة الإنتخابية الضخمة للتيّار، وتبعه عزوف رؤساء الحكومات السّابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السّنيورة وتمّام سلام، فضلاً عن نوّاب ومرشّحين مقرّبين من الحريري وتيّاره، كان السؤال الأبرز هو عن حجم المشاركة السنّية في الإنتخابات المقبلة، وهل ستكون متدنية بما يجعلها تشكل ضربة للميثاق الوطني، أم أنّها ستكون منخفضة بما لا يجعل مجال التشكيك والطعن بها كبيراً، أم أنّ هذه المشاركة ستكون كبيرة ولن تختلف عن السّابق، في ضوء دعوة مرجعيات سياسية ودينية سنّية المواطنين إلى المشاركة بكثافة في الإنتخابات منعاً للفراغ، أو لبسط خصوم الحريري وتيّاره سيطرتهم والإمساك بزمام المجلس النيابي الجديد والحكومة التي ستنبثق عنه طيلة السنوات الأربع المقبلة، بما يرسم مشهداً سياسياً جديداً، ومعادلة غير مسبوقة في تاريخ التوازنات السياسية في لبنان، أقله منذ انتهاء الحرب الأهلية وإقرار إتفاق الطائف قبل أكثر من 3 عقود من الزمن.
Related Posts