كانت لافتة المعلومات التي تحدثت أمس عن قيام وزارة الداخلية الكويتية بدرس إعادة فتح التأشيرات لأبناء الجالية اللبنانية في الاسبوع المقبل، وذلك بعد توقف دام لنحو 3 أشهر على خلفية الأزمة الدبلوماسية الخليجية مع لبنان.
يوحي هذا التطور الايجابي بأن الكويت يتجه الى إعادة وصل ما إنقطع مع لبنان الذي قدم خلال الفترة الماضية كل ما بوسعه سياسيا وأمنيا لتطمين دول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية بأن “لبنان لن يكون منصة لاستهداف الأشقاء العرب، وهو لن يتدخل في أي نزاع عربي ـ عربي، وسيكافح عمليات تهريب المخدرات وحبوب الهلوسة”، حيث حققت الأجهزة الأمنية اللبنانية في الاسبوعين الماضيين أكثر من إنجاز على هذا الصعيد.
كما يبدو أن إعادة فتح التأشيرات الكويتية أمام اللبنانيين لا يرتبط بالورقة التي حملها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الى لبنان، والذي ينتظر الرد الرسمي عليها في الأيام القليلة المقبلة لمناقشة الأمر على طاولة إجتماع وزراء الخارجية العرب ليبنى على الشيء مقتضاه.
لم يعد خافيا على أحد، أن ثمة توافق خليجي، فرنسي وأميركي على ورقة الثوابت، وأن الكويت بما يشكله من إجماع عربي ـ دولي على دوره الايجابي في المنطقة، كان صلة الوصل مع لبنان لعرض الورقة على رؤسائه الثلاثة لدراستها وإتخاذ القرار المناسب بشأنها، خصوصا أنها تهدف بحسب الرأي الخليجي الى إيجاد رؤية جديدة للوضع اللبناني يكرس مبدأ النأي بالنفس وينفذ قرارات الشرعية الدولية ويحصر السلاح في يد الدولة.
تشير المعلومات الى أن وزير الخارجية عبدالله بوحبيب سلم رئيس الجمهورية ميشال عون مسودة الرد اللبناني على ورقة الثوابت، وأن الرئيس عون سيناقشها مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي في مهلة أقصاها يوم الجمعة المقبل حيث يستريح مجلس الوزراء من دراسة مشروع الموازنة، ومن المفترض أن يحصل توافقا رئاسيا على رد موحد يُقنع دول الخليج بأن لبنان ملتزم ببنود ورقة الثوابت لا بل هو يطبقها مسبقا وما جاء في البيان الوزاري لحكومة معا للانقاذ يؤكد ذلك، لكن في النهاية “فاقد الشيء لايعطيه” بالنسبة لسلاح حزب الله، خصوصا أن هذا السلاح قد يؤدي الى فتنة داخلية لا يُحمد عقباها، كونه ليس شأنا لبنانيا بل هو جزء من محور إقليمي ـ دولي ويرتبط إرتباطا وثيقا بالصراع الدائر في المنطقة وبالمفاوضات الجارية فيها.
وتقول هذه المعلومات إن الرد قد يتضمن بعض الاقتراحات على غرار الانطلاق لبنانيا بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي كان وضعها رئيس الجمهورية على طاولة الحوار، أو تشكيل لجنة لبنانية ـ خليجية لمناقشة كل بنود الورقة، فضلا عن التأكيد بأن السلاح مرتبط بالأزمة الاقليمية ومن الصعب طرحه على بساط البحث في الوقت الحالي.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن كل دول العالم تعلم بأن سلاح حزب الله ليس شأنا داخليا، وأن لا قدرة لأي جهة في لبنان على تنفيذ القرار 1559 من دون حصول حل شامل في المنطقة، وأميركا وفرنسا ودول الخليج يعلمون ذلك، ما يعني أن إدراجه ضمن ورقة الثوابت يهدف الى ممارسة مزيد من الضغط على لبنان وتأليب الرأي العام اللبناني على حزب الله ومحاولة عزله ومحاصرته وهو أمر سيكون له تداعيات سلبية..
وتؤكد هذه المصادر أن ورقة الثوابت يمكن أن تكون بوابة للحل في حال تفهم المعنيون بها حساسية الوضع الداخلي، وهي قد تمهد لأزمة مفتوحة في حال رفضت دول الخليج الرد اللبناني من دون إتخاذ موقف حاسم تجاه السلاح، وإستمرت في حصارها على لبنان الذي لن يكون قادرا على تحمل تداعياته، خصوصا أن تحركات داخلية قد تنشط في إستهداف حزب الله وجعله مادة إنتخابية، وما قد يزيد الطين بلة قيام مجموعة لبنانية في الخارج بتقديم إقتراح للكونغرس الأميركي لانشاء “منطقة لبنانية آمنة خالية من الأحزاب المسلحة”، ما يعني تقسيما أمنيا للبنان، فأي إنتخابات يمكن أن تحصل في أجواء كهذه؟..
Related Posts