لماذا زار عون دار الفتوى؟!… غسان ريفي

شكلت زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى دار الفتوى ولقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، خطوة تصالحية تجاه الطائفة السنية ومحاولة للتأكيد على دورها الوطني وحضورها الوازن في الحياة السياسية اللبنانية كطائفة مؤسسة للبلد، لا سيما بعد تعليق الرئيس سعد الحريري مع تيار المستقبل العمل السياسي والاحجام عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة سواء على المستوى الشخصي أو على صعيد التيار.

في الشكل، كانت الزيارة طبيعية خصوصا أن دار الفتوى تفتح ذراعيها للجميع فكيف برئيس البلاد، وهي سبق وإستقبلت رؤساء جمهورية في مناسبات عدة، أما في المضمون فثمة ظروف ومستجدات دفعت الرئيس عون الى القيام بهذه الزيارة في محاولة لاحتواء الموقف في ظل الارباك الذي تعيشه الساحة اللبنانية عموما والسنية خصوصا بمقاطعة تيار عريض للاستحقاق الانتخابي.

حاول الرئيس عون الوقوف على خاطر الطائفة السنية، والتأكيد على ضرورة أن تكون موجودة وفاعلة في الحياة السياسية، رافضا اللجوء الى مقاطعة الانتخابات، ليلاقي بذلك المفتي دريان ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أعلن بعد إستقباله مفتي الجمهورية في السراي الكبير وإنتقالهما سويا الى جامع العمري لآداء صلاة الجمعة بمشاركة الرئيس فؤاد السنيورة بأننا “لن نقاطع الانتخابات وأن الطائفة السنية تزخر بكثير من الشخصيات الكفوءة التي تستطيع أن تملأ الفراغ”.

يمكن القول، إن رئيس الجمهورية سعى من خلال هذه الزيارة الى إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد، لجهة:

أولا: تجاوز الخلافات القائمة مع السنة والناتجة عن سلوك إستفزازي من عون ومن التيار الوطني الحر تجاه الحريري الذي وضعت له العصي في دواليب قطار تأليف حكومته، وتجاه جمهور السنة عبر كثير من المواقف.

ثانيا: الاستفادة من غضب جمهور تيار المستقبل وبعض السنة على القوات اللبنانية التي يحمّلها كثيرون مسؤولية كل ما تعرض له الحريري خلال السنوات الخمس الماضية أي منذ أزمته في السعودية، ما إنفجر سجالات بين كوادر التيار والقيادات القواتية، ومحاولة تجيير ذلك لمصلحة التيار الوطني الحر الذي يعمل رئيسه جبران باسيل منذ إعلان الحريري تعليقه العمل السياسي على إظهار الود السياسي مع الجمهور الأزرق.

ثالثا: زيارة حزب الكتائب الى دار الفتوى وإشادته بالحريري مثمنا إستقالته بعد إنطلاق ثورة 17 تشرين، والاصرار القواتي على لسان سمير جعجع على التعاون والتنسيق مع تيار المستقبل، حيث سارع عون الى دار الفتوى بهدف إغلاق أي بازار مسيحي يمكن أن يفتح لوراثة سياسية لجمهور المستقبل.

رابعا: الخوف الذي يجتاح كل التيارات والأحزاب السياسية من أن يكون التصويت السني في الانتخابات كيديا أو إنتقاميا على خلفية خروج الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية، حيث أظهر الرئيس عون حرصه على الدور الذي “تلعبه الطائفة السنية في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي، وأهمية المشاركة مع سائر المكونات في الحياة الوطنية والسياسية والاستحقاقات التي ترسم مستقبل لبنان وأبنائه”.

خامسا: إدراك عون بأن لا حياة سياسية في لبنان من دون السنة، ولا إنتخابات يمكن أن تجري في أيار المقبل على حسابهم أو في ظل مقاطعتهم، وبأن هناك من يدفع تحت هذا الشعار الى تطيير الانتخابات، لذلك حاول عون قطع الطريق على هؤلاء بتأكيده أنه لا يجد سببا لتأجيل الانتخابات وأن الطائفة السنية مكونٌ أساسي ولا نؤيد أبداً مقاطعتها للانتخابات”. 

لا شك في أن مواقف عون من دار الفتوى جاءت مكملة لمواقف المفتي دريان والرئيس ميقاتي والرئيس السنيورة الذين أكدوا عدم المقاطعة، خصوصا أن السنة هم الأمة، ولا يمكن لها أن تتخذ قرارا يسيء الى البلد الذي شاركت في تأسيسه وتشارك اليوم في إنقاذه وحمايته.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal