إهتمام مشروط بلبنان.. ورقة الثوابت الخليجية تترجمها الحكومة!!… غسان ريفي

قد لا يحتاج لبنان الى دفتر شروط خليجي ـ دولي لاعادة وصل ما إنقطع مع دول الخليج تمهيدا لاستعادة ثقتها به، فوطن الأرز لطالما إلتزم بالقضايا العربية المحقة، وبقرارات جامعة الدول، وقدم الكثير من التضحيات والنضالات في هذا الاطار، وهو اليوم في ظل الأزمات وإنعكاساتها الكارثية على مجتمعه ومواطنيه يتطلع الى وقوف الأشقاء العرب الى جانبه في محنته، وتفهم حساسياته وتوازناته السياسية والطائفية والمذهبية.

لا شك في أن زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الى لبنان وإجتماعه مع الرؤساء الثلاثة ووزيريّ الخارجية والداخلية، أوحت باهتمام خليجي في إعادة إحياء العلاقات مع الشقيق الأصغر، خصوصا أن التخلي عن لبنان وتركه للانهيار لن يكون في مصلحة أحد، إنطلاقا من أن إستقرار لبنان هو أساس إستقرار المنطقة، إضافة الى أن الفراغ الذي قد تتركه دول الخليج سيشجع جهات إقليمية أخرى لملئه لا سيما أن الأرض باتت مهيأة بفعل الأزمات المتلاحقة، لكن تبقى الأولوية بالنسبة لأكثرية اللبنانيين لدول الخليج العربي وفي مقدمتها السعودية والكويت والامارات التي لها أياد بيضاء على كثير من المناطق اللبنانية وهي تحتضن مع غيرها من دول مجلس التعاون الخليجي مئات آلاف اللبنانيين في ربوعها.

لم تختلف ورقة الثوابت الخليجية التي سلمها الوزير الصباح الى الرؤساء الثلاثة من أجل مناقشتها وتطبيقها بهدف طيّ الصفحة السابقة مع دول الخليج، مع البيانات التي صدرت عقب الزيارات التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الى دول الخليج، ومع البيان السعودي ـ الفرنسي تجاه لبنان عقب زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون الى المملكة وإجراء الاتصال مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أكد له بن سلمان في حينها رغبة السعودية بفتح صفحة جديدة مع لبنان.

وفي الوقت نفسه، لم تختلف ورقة الثوابت أو المبادرة مع سلوك الحكومة اللبنانية التي تضمّن بيانها الوزاري أكثرية هذه الأفكار لا سيما لجهة النأي بالنفس، وعدم تحويل لبنان الى منصة لاستهداف الدول الصديقة والشقيقة، وعدم تدخل لبنان في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وما لم يتضمنه البيان الوزاري ترجمه الرئيس ميقاتي في سلوكه اليومي إن لجهة مطالبته وزير الاعلام جورج قرداحي بالاستقالة ضمنا بعدما إعتبرت السعودية أنه أدلى بتصريحات مسيئة لها بما يتعلق بحرب اليمن، أو لجهة الاسراع في الرد على أي هجوم فعلي أو لفظي على دول الخليج من أي جهة أتى والأمثلة على ذلك كثيرة لا سيما مؤخرا، فضلا عن إعلانه المتكرر إلتزام لبنان بأفضل العلاقات مع دول الخليج العربي، ودعوته الى أن يتضمن جدول أعمال طاولة الحوار بند تمتين العلاقات اللبنانية ـ الخليجية والنأي بالنفس وعدم التدخل بما لا شأن للبنان فيه، هذا على الصعيد السياسي، أما على مستوى ضبط الحدود ومكافحة تهريب المخدرات فقد إطلع الوزير الكويتي من وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي على الجهود المبذولة وعلى الانجازات التي تحققت في هذا الاطار.

كل ذلك يؤكد أن ورقة الأفكار الخليجية التي حملها الوزير الكويتي تترجم كنظام حكم في لبنان من خلال رئيس الحكومة الذي يعمل كل ما بوسعه لحماية هذه العلاقات الأمر الذي قد يسهل الجواب عليها والذي من المفترض أن يحمله وزير الخارجية عبدالله بو حبيب خلال أيام قليلة، حيث من المتوقع أن يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الى لقاء تشاوري للتوافق على صيغة موحدة لهذا الرد.

يمكن القول، إن دول الخليج تعلم وكذلك فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والتي تسربت معلومات بأن المبادرة أعدت بالتفاهم والتشاور معهما، أن تنفيذ القرار 1559 وتسليم سلاح حزب الله الى الدولة هو بند خلافي من شأنه أن يؤدي الى فتنة داخلية، وقد سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن طلب تحييده عندما إجتمع مع القيادات اللبنانية في قصر الصنوبر عقب إنفجار مرفأ بيروت، وذلك إنطلاقا من قناعة ماكرون وأميركا وسائر المعنيين بالشأن اللبناني بأن موضوع السلاح ليس داخليا بل هو يتعلق بالصراع القائم في المنطقة ويدخل ضمن حسابات المنظومة الاقليمية، ولا شأن للداخل اللبناني فيه، لأن فتح هذا الملف في ظل هذه هذه الظروف الدقيقة قد يؤدي الى ما يحمد عقباه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal