ليس غريبا ارتفاع نسبة الجرائم في لبنان، فهذا متوقع في بلد يفتقد لادنى مقومات الدولة، ولكن الغريب هو الطرق والاساليب المتبعة في هذه الجرائم على أنواعها المتعددة من قتل وسرقات واعتداءات على الاملاك الخاصة والعامة، والاشد غرابة هو عدم تفاعل الناس سلباً او ايجاباً وكأنها تحصل في بلد آخر او ربما في عالم ثان بحيث باتت الجريمة التي كانت تهز بلداً في السابق تمر اخبارها مرور الكرام في الإعلام والمجتمعات وكأنها حدثا بسيطا من صلب الاحداث اليومية العادية في حياة المواطنين.
هذا يقتل شقيقه وذاك يذبح جدته، اب يقتل ابنه واخر يطعن والدته، جرائم تقع بمعدل مرتفع في لبنان وبشكل يومي ناهيك عن التفنن في اساليب السرقة والاحتيال والتعدي على الاملاك في حين ارتفعت الاصوات في اكثر من بلدة وقرية مطالبة بتعيين نواطير وحراس ليلاً نهاراً لأن هناك عصابات منظمة تسرق مواتير المياه واسلاك الكهرباء وكل ما يقع بين يديها من حديد من دون أن توفر حتى اغطية المجارير.
يقول احد الاخصائيين النفسانيين في حديث لـ”سفير الشمال”: إن إرتفاع معدل الجريمة في لبنان متوقع في ظل الأوضاع التي نمر بها لأن الجريمة في كل مجتمع مرتبطة بظروفه وما يجري عندنا على مختلف الاصعدة بات اكبر من قدرة اي مواطن على تحمله، لافتاً الى أن البطالة والفقر يلعبان دوراً اساسياً في إرتفاع معدلات الجرائم فكيف إذا ترافقا مع الجهل وانعدام المقومات الاساسية لاي حياة كريمة.
ويؤكد الاخصائي أن الضائقة الاقتصادية القاسية التي يمر بها مجتمعنا تركت تأثيراً كبيراً على نفسية الفرد الذي بات يحلل لنفسه السرقة بحجة تأمين قوته وهذا غير صحيح لأن تتبع مسار معظم السرقات يكشف أن مرتكبيها ليسوا من الفقراء أو المحتاجين بل من ضمن عصابات منظمة، معتبراً أن إرتفاع معدل الجرائم في كل بلد يدق ناقوس الخطر بأن الامن ليس بخير فكيف إذا كانت الأوضاع كلها ليست بخير متوقعاً ارتفاعاً اكبر في معدل الجريمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ويلفت الاخصائي النفسي الى أن هناك جرائم يتم القاء القبض على مرتكبيها إنما الجرائم المبطنة وغير المعروفة فهي ذات معدل اكثر إرتفاع بكثير سواء جرائم العنف الاسري او التنمر وصولاً الى جرائم الاغتصاب، كاشفاً أنه ترده حالات شبه اسبوعية في هذا الإطار ما يعكس أن الوضع اصبح مقلقاً جداً لاسيما مع تفشي آفة المخدرات في صفوف المراهقين وفقدان التوازن في العديد من العائلات بفعل الضغوطات المعيشية.
ويوضح أن ظاهرة المخدرات تحتاج الى معالجة فورية لأن اي تراخي او مماطلة سيؤدي الى نتائج خطيرة نعلم أين تبدأ ولا نعلم أين تنتهي لذا من الواجب عدم الاستهتار او التغاضي عنها وهذا يتطلب بذل الجهود من خلال العائلة اولاً ومن خلال القوى الامنية ثانياً التي عليها عدم الاستهتار حيال هذا الموضوع.
ويضيف: “قد يقول قائل إن هناك في لبنان آفات اخطر وابشع من المخدرات تحتاج ايضاً الى معالجة فورية ولكن اؤكد أن المخدرات علة العلل ومنها يتفرع العديد من الآفات التي تودي الى جرائم لا تخطر على بال عاقل.
جرائم، مخدرات، سرقات وتعديات الى انعدام الثقة بالدولة وفقدان ابسط مقومات الحياة كلها امور تشي بأن الوضع في لبنان يتجه الى الاسوأ وأن الآتي أعظم، فيما لا يزال بعض السياسيين يفتش عن مكسب من هنا او صوت انتخابي من هناك معتمداً التجييش المذهبي والطائفي الذي هو بالأساس آفة البلد الكبرى فهل من دواء لهذه الآفة ام أن المرض سيستشري لاسيما أننا على ابواب الانتخابات النيابية والعديد من مقتنصي الفرص يعتبرون أن الغاية تبرر الوسيلة للنجاح فيها.
Related Posts