في ظل التحولات الإقليمية الحاصلة، بات لبنان محط انظار شركات الاستثمار الروسية سواء عبر مرفأي طرابلس وبيروت او مصفاتي طرابلس والزهراني.
فبعد عدة زيارات قامت بها وفود روسية الى لبنان جالت خلالها على المرافق العامة والحيوية، تقرر ان تكون البداية من مصفاة الزهراني وتطويرها لتصل سعة استيعابها اليومية الى 150,000 برميل نفط. فماذا في التفاصيل؟
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور حسن مقلد انه “خلال بضعة أيام سيصل وفد لشركة روسية معني بشكل أساسي وحصري بمصفاة الزهراني. حاملاً معه تصوّراً لدراسة كاملة من اجل انشاء مصفاة بسعة 150,000 برميل يومياً”.
ويتابع “المشروع مقسم الى قسمين قسم سعته 20,000 برميل لدى الشركة القدرة على انجازه خلال 6 اشهر من بدء العمل وقسم يحتاج بين 18 الى 24 شهرا لانجازه وسعته 130,000 برميل”.
ويشرح مقلد مقاربة الوفد الروسي الذي “استجاب لطلبنا ان يرفق الملف بكفالة مصرفية من بنك دولي ذات مستوى عالٍ بقيمة الاستثمار التقريبية والتي تبلغ مليار و200 مليون دولار أميركي”.
الى ذلك يفنّد الخبير الاقتصادي مميزات عرض هذه الشركة الروسية، فيقول “الميزة الموجودة لدى الشركة الروسية عدا عن اهتمامها بالاستثمار في لبنان في هذا الوقت تحديداً وفي هذا القطاع، اذ انه منذ حوالي 75 سنة كان لدينا مصفاتين، مصفاة طرابلس ومصفاة الزهراني ومنذ عام 1982 تقريبا جرى توقيفهما بالكامل، فهذا قطاع مهم جدا له انعكاسات على الاقتصاد كإقتصاد كلي، وله تأثير على ميزان المدفوعات في لبنان لانه يوفر حوالي 3 الى 4 مليارات و700 مليون دولار سنوياً، وقد يتحول الى جلب الأموال اذا ما تم تصدير الـ 40,000 برميل الفائضين يومياً”.
ويضيف: “الميزة الثانية ان الشركة الروسية أعلنت سلفاً قبولها بالكفالة السيادية للدولة اللبنانية رغم ان الدولة اللبنانية أعلنت هي نفسها تعثرها عن الدفع عندما توقفت عن دفع اليوروبندز من حوالي السنتين تقريباً. هذه الميزة تعطي الشركة افضلية عن غيرها لان أي شركة تريد الاستثمار وفق نظامي ال BOT او PPP أي الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشترط كفالة صندوق النقد الدولي كون الدولة متعثرة عن الدفع. وهذه الميزة بالوقت تعطيهم اشهراً للعمل اذا نجح التفاهم بين لبنان وصندوق النقد وأقرت المعايير. وبالتالي تأتي مقاربة هذه الشركة لتقول نحن نثق بلبنان وامكاناته”.
ويردف: “كل هذا نتكلم عنه قبل الكلام عن مصفاة طرابلس لأن لطرابلس مشروع اكبر مرسوم لها كي تتحول الى مصفاة إقليمية على البحر المتوسط”.
مقلد الذي يبدي تفاؤلاً كبيراً بما يمكن ان تقدمه المبادرة الروسية لمصفاة الزهراني، يؤكد اننا “سبق وعملنا على الملف القانوني للمشروع وانتهينا منه. ولكن القصة الآن هي مع وزارة الطاقة والحكومة اللبنانية في المرحلة الثانية وفق أي مقاربة سيتم التنفيذ. أي هل ستكون وفق نظام الـ BOT ام انها ستكون شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص؟ او هل ستتجه الدولة الى اجراء مناقصة دولية؟”
ويقول: “القوى السياسية الأساسية أبدت موافقتها على فكرة الاستثمار الروسي في لبنان وأبدت موافقتها على فكرة المصفاة. ولكن على الطريقة اللبنانية “حسابات الحقل غير حسابات البيدر”، وعليه لا يمكن التنبؤ بما سيحصل لا سيما وان الضغوط سواء الخارجية او الداخلية كبيرة”.
وحول الضغوط المتعلقة بالشق الخارجي، فيجزم الخبير الاقتصادي ان “روسيا دولة عظمى ودورها يكبر على مستوى المنطقة. وقد كان الروس واضحين لناحية انهم معنيون بحلحلة اية عقد متعلقة بالموضوع الأميركي او الإقليمي لجهة هذا الطرح، طالبين منا التدخل على قياس سيادتنا الوطنية”.
اما عن رأي وزارة الطاقة في تطوير المصفاة ولماذا تأخر العرض الى الآن، فيشرح انه “عندما بدأنا العمل على المشروع لم تكن هناك حكومة. فحكومة الرئيس حسان دياب كانت قد استقالت ولا تمارس تصريف الاعمال. ورغم ذلك جاءت وفود الشركات وقابلوا الوزراء المعنيين 3 مرات برفقة السفير الروسي في لبنان. وفريق العمل الموجود سواء في بيروت او موسكو استمر بالعمل على كل الدراسات، وكان من المفترض بالوفد الروسي ان يصل الى لبنان في 23 تشرين الثاني الماضي ونحن طلبنا تأجيل الزيارة وذلك حرصا منا على ان يكون الملف مكتملا بالتحديد لجهة توفر الكفالة المصرفية. وعليه يجب ان ننتقل الى النقاش الجدي العملي الأسبوع المقبل”.
وحول استعداد وزارة الطاقة للمضي في المشروع فيجيب “حسب اللقاءات التي اجريتها مع وزير الطاقة فإن الأهم بالنسبة له ان يكون هناك جدوى من المشروع. والأكيد ان لا احد سيستثمر مبلغ مليار و200 مليون دولار في مشروع اذا لم يكن من جدوى له”.
ويختم مقلد كلامه بالقول: “نحن بانتظار ما ستؤول اليه المباحثات مع وزارة الطاقة واي آلية ستعتمد الـ BOT اوPPP، لا سيما وان والشركة الروسية اعلنت استعدادها السير بالخيارين، ويجب ان نعرف أيضا ما اذا كان الامر يستلزم المجلس الأعلى للخصخصة او ان الأمور ستتجه نحو السياق الطبيعي وكأننا نستأجر مرفقاً من الدولة نستثمره ونديره ثم نعيده. فلكل خيار آلياته المعتمدة والامر عند الدولة اللبنانية. والأكيد انه اذا تم الاتفاق على مشروع مصفاة الزهراني سيتم طرح باقي المشاريع تباعاً”.
اذاً، ها هي روسيا تطرح حلولاً تساعد لبنان في النهوض من كبوته الاقتصادية وتعيده مركزاً للتبادل التجاري في المدى البعيد. فهل تلقى هذه الخطوة التجاوب اللازم من المعنيين في لبنان؟..
Related Posts