من غلاسكو الى بيروت.. المطلوب تقدير المصلحة الوطنية!… غسان ريفي

يستأنف رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي نشاطه السياسي اليوم، بعد عودته أمس من غلاسكو محمّلا بدعم دولي لاستمرار جهود حكومته في تنفيذ المهمات المطلوبة منها لجهة وقف الانهيار والتفاوض مع صندوق النقد الدولي الى الانتخابات النيابية، وبتأكيد من صناع القرار في العالم على الوقوف الى جانب لبنان والحفاظ على أمنه وإستقراره وحماية إقتصاده ووضعه على سكة التعافي، إضافة الى التعهد بالمساعدة على إيجاد المعالجات والحلول للأزمة الدبلوماسية بين السعودية ودول الخليج وبين لبنان على خلفية تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي حول الحرب الدائرة في اليمن.

من المفترض أن يضع الرئيس ميقاتي رئيسيّ الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري في أجواء اللقاءات التي أجراها في غلاسكو والدعم الذي حصل عليه، والوعود التي قُطعت له بتقديم التسهيلات والتعاطي الخاص مع لبنان من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجهات المانحة لاعطاء قوة دفع للاقتصاد بما يساهم في تحسين الواقع الاجتماعي، وبالتالي التوافق معهما على الخطوات الانقاذية المقبلة.

وقد بات معلوما أن الأزمة مع السعودية ودول الخليج ستكون محور لقاءات ميقاتي الذي حرص على إجراء إجتماعات خليجية في غلاسكو مع أمير قطر ورئيس الحكومة الكويتية ووزير الخارجية، لاحداث خرق أو إيجاد قاعدة صلبة يمكن البناء عليها لاجراء الحوار المطلوب حيث وعد الأمير تميم الرئيس ميقاتي بإيفاد وزير الخارجية القطري الى بيروت لمباشرة وساطة في هذا الاطار، فيما أبدى رئيس الحكومة الكويتي حرصه على إستقرار لبنان مؤكدا وقوف الكويت الدائم الى جانبه، ومؤكدا في الوقت نفسه حرص الكويت على وحدة وتضامن مجلس التعاون الخليجي، هذا بالاضافة الى إمكانية الاستعانة بوساطة عمانية لاعطاء قوة دفع للحوار الذي لن تكون الرعاية الدولية بعيدة عنه.

لا يختلف إثنان على أن الجهود الجبارة التي بذلها الرئيس ميقاتي في طرح قضية لبنان على طاولة صنّاع القرار في مؤتمر المناخ المنعقدة في غلاسكو قد أعاده الى الخارطة العالمية ولفت كل الأنظار الدولية تجاهه وذلك بعد إنقطاع دام لسنوات خسر فيه لبنان حضوره الدولي، خصوصا أن ميقاتي الذي إستثمر كل ما يمتلك من علاقات عرض للواقع اللبناني ولكل الصعوبات والأزمات التي تتخبط بها البلاد وإنعكاساتها السلبية على اللبنانيين، وقد سمع الكثير من التطمينات ببقاء المظلة الدولية فوق لبنان، وبتقديم كل ما أمكن من دعم لمساعدته على الخروج من واقعه الصعب.

عودة ميقاتي بهذا الزخم الى لبنان، يضع كل التيارات السياسية بدون إستثناء أمام مسؤولية وطنية تاريخية، للعمل على إستثمار هذه الايجابيات الدولية وترجمتها لمصلحة البلاد والعباد للتخفيف من وطأة الأزمات الخانقة، إضافة الى إزالة كل العراقيل والمعوقات من أمام الحكومة للانعقاد والانتاج مجددا، لمحاكاة الدعم الدولي والاستفادة منه في المهمات الأساسية الملقاة على عاتقها.

كل ذلك يحتاج الى التوافق على سلسلة من الثوابت أبرزها، مواكبة جهود ميقاتي في غلاسكو بإيجابية، خصوصا أن بقاء الحكومة يعتبر ضرورة وطنية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني، لأن البدائل باتت معروفة وهي أخذ البلاد الى إنهيارات كارثية لا يحمد عقباها، وأيضا العمل على تبريد الأجواء تجاه المملكة السعودية بإجراءات تكون مساعدة على فتح باب الحوار معها برعاية دولية ومساعدة خليجية وبتوافق داخلي، وأخيرا تقدير المصلحة الوطنية في ظل الوضع الدقيق للبلاد والمخاطر المحدقة به وبشعبه الذي لا شيء يمكن أن يتقدم على السعي للحفاظ على كرامته بتوفير مقومات العيش الكريم له.


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal