ميقاتي الى بيروت.. لترجمة إيجابيات غلاسكو!… غسان ريفي

في الوقت الذي تنصب فيه الجهود اللبنانية على معالجة الأزمة السعودية وتداعياتها، وفي ظل اللقاءات الدولية والخليجية الايجابية التي عقدها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال تواجده في غلاسكو الى جانب صناع القرار في العالم، فضلا عن الدعم الكامل الذي حصل عليه، ينشط بعض المتضررين من عودة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية الى طبيعتها في تسميم الأجواء، سواء بتصريحات تحريضية تصب الزيت على النار.. أو بتصرفات غير مسؤولة هدفها تأجيج الفتنة على غرار اللافتة المسيئة التي رفعت على طريق المطار وسارع وزير الداخلية بسام المولوي الى إعطاء توجيهات لقوى الأمن الداخلي لازالتها.. أو ببث الشائعات تارة بنشر أخبار عن توقف رحلات الخطوط الجوية الخليجية نهائيا الى مطار بيروت.. وتارة أخرى بنشر فيديوهات مفبركة لا سيما الفيديو الذي قيل أنه لسعوديين يعتدون على لبنانيين في المملكة.. وطورا بإدخال وزير الخارجية عبدالله بو حبيب طرفا في النزاع من خلال نسب تصريحات له قيل أنها مسربة من جلسة خاصة مع الصحافيين، قبل أن يسارع بو حبيب الى توضيح الأمر والتأكيد على أن ما نشر هو عبارة عن “سرديات مجتزأة ومغلوطة”.

كل ذلك، يؤكد أن هناك من يعمل على تغذية الخلافات بين المملكة السعودية ومعها بعض دول الخليج وبين لبنان، بدءا بإعادة نشر فيديو وزير الاعلام جورج قرداحي الذي تضمن التصريحات حول التدخل السعودي في اليمن، بعد أكثر من شهرين ونصف الشهر من تسجيله، وصولا الى تنظيم حملة بث الشائعات، إضافة الى أدوات التخريب الداخلية التي تدعو الى إستقالة الحكومة بالرغم من أنها تشكل برأي العالم أجمع صمام الأمان الوحيد للبنان، ما يؤكد أن لدى هذه الأدوات أجندات مشبوهة تسعى الى تنفيذها وهي لن تكون حتما في مصلحة لبنان.

في غضون ذلك، يمكن القول إن الرئيس نجيب ميقاتي قام بواجباته الوطنية كاملة في غلاسكو، من خلال جهود جبارة لطرح القضية اللبنانية على طاولة صناع القرار في العالم، حيث يشير متابعون الى أن هذه المروحة الواسعة من اللقاءات والاجتماعات التي أجراها ميقاتي مع الرؤساء والمسؤولين الأجانب لم يسبق أن حصلت إلا في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما جاب العالم على خلفية عدوان عناقيد الغضب في العام 1996.

ويؤكد هؤلاء أن الحركة الدبلوماسية الناشطة للرئيس ميقاتي الذي من المفترض أن يعود الى لبنان اليوم قد أعطت نتائج ممتازة، حيث كان اللقاء مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إيجابيا جدا ومثمرا بحسب رأي الأخير الذي عبر عن ذلك بتغريدة، كما أكد الدعم الكامل لاستمرار جهود الحكومة في اعادة الاستقرار وتحقيق التعافي الاقتصادي والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي وصولا الى تنظيم الانتخابات النيابية. 

كما إستمع ميقاتي الى كلام واضح وصريح من الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية ورئيس الوزراء الاسباني ورئيس الوزراء الايطالي ومسؤولي الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وسائر الذين إلتقاهم في غلاسكو يؤكد دعم لبنان وإقتصاده، والسعي لاعادة وصل ما إنقطع بين لبنان وبين السعودية والدول الخليجية.

ليس أمرا عاديا ما قام به الرئيس ميقاتي في غلاسكو، لذلك فإن التعاطي معه داخليا يجب أن يرتقي الى مستوى إستثماره وترجمته بشكل إيجابي لمصلحة البلد وأهله، وهذا لا يكون إلا بمواكبة سياسية لجهد ميقاتي معطوفة على توافق سياسي من أجل تبريد الأجواء مع السعودية تمهيدا للبدء بحوار جدي قد يكون بمساعدة قطرية أو ربما برعاية دولية، إضافة الى تفعيل عمل الحكومة وتحصينها من الداخل، لكي تكون عاملا مساعدا للرئيس ميقاتي في ترجمة الوعود التي حصل عليها، خصوصا أن لا صندوق النقد ولا البنك الدولي ولا أي من الجهات المانحة سيكون مستعدا للتعاطي مع حكومة مهددة بالتعطيل أو بتعليق عملها عند حصول أي أزمة!. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal