بالتأكيد ليس هناك لبناني واحد، لا يطالب بقضاء نزيه منزّه، يحكم بالعدل الذي هو أساس المُلك، ويكون المدخل الصحيح لإيصال الحقوق إلى أصحابها، متحملاً مسؤولية الأحكام التي يصدرها بكل شجاعة وراحة بال، لدعم إعادة حضور الدولة. وخارج ذلك سيجد ″صاحب ميزان العدالة″ أن كل اللبنانيين قد رفعوا الغطاء عنه، ووجهوا له الإنتقادات التي لا تليق بقضاء يُفترض أن يكون نموذجاً يُحتذى به في كل مؤسسات الدولة!
فبعيداً عن الانتقادات التي وجهت الى رئيس الجمهورية للتاخير في توقيع التشكيلات في السلك القضائي، وبعيداً عن الإتهامات الموجهة إلى مجلس النواب بالقوطبة على أهداف الاجراءات القضائية. لاحظ اللبنانيون أن قيادات روحية فاعلة وجهت إنتقادات مباشرة إلى ما إعتمده المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار من خطوات وتحديداً بالنسبة لإصداره الأسبوع الفائت مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب.
مهما كانت تلك الإجراءات محقة وفق القوانين المرعية الإجراء، فقد توقف المراقبون عند رفض القادة الروحيين لها:
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إنتقد بشدة العدالة الإنتقائية وقال: ″فلتأخذ العدالة مجراها بعيداً من الانتقائيّة والاستنسابيّة والكيديّة المقيتة″. مشدداً على أهمية التوازن بين مواقع الرئاسات الثلاث!
أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، شدد بدوره على وجوب الإبتعاد عن الاستنسابية والاستهداف والتسييس وقال: “إن التدبير والإجراء من قبل المحقق العدلي بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال مرفوض وغير مقبول على الإطلاق”!
أما البطريرك الماروني بشارة الراعي فأعلن صراحة أيضاً أنه ضِدَّ تسييسِ التحقيق وتطييفِه وتعطيله؟ متسائلاً عن الهدف من تراكمِ الاستدعاءاتِ من دونِ متابعَتها وحسمِها ومعلناً وقوفه “ضِدَّ تصفيةِ الحساباتٍ السياسيّةِ”. ومؤكداً حرصه “على أن لا يرتفع مقامٌ بالمسِّ بمقامٍ آخر”. رافضاً “استثناءِ أحدٍ من الاستجواب. وبخاصةٍ أن رئيس الجمهوريّة أعلن استعدادَه للمثول أمام قاضي التحقيق”!
قد يكون قاضي التحقيق على حق في بعض جوانب إجراءاته، ولكن وفق العديد من المتابعين هناك ثغرات في الإدعاء القضائي حتى الساعة، ولعل أبرزها هو تلاقي مرجعيات روحية أساسية على رفض التسييس والتطييف وما ارتبط بهما. ومعنى ذلك أن هناك حلقة مفرغة، وربما حلقات يجب البحث في مضمونها، الأمر الذي استوجب العديد من علامات الاستفهام وأكبرها:
لماذا الإدعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال وتحميله كل المسؤولية، في حين استُبعد رؤوساء حكومة آخرين حتى عن الاستماع الى اقوالهم، فيما كانوا يتمرسون بالمسؤولية. بينما كانت نيترات الأمونيوم رابضة في مرفأ بيروت؟ وفي اللواحق أن الأمر ينطبق على رؤساء جمهورية سابقين وموظفين أمنيين كبار أيضاً وأيضاً! وحتى مدعّي عام التمييز القاضي غسان عويدات كان له رأي مختلف عن القاضي بيطار في موضوع توجيه الإتهام إلى الرئيس دياب؟!
مواضيع ذات صلة: