..″هناك عقل مافياوي إجرامي يتحكم بالمحتكرين والإنتهازيين″! هذه العبارة خرجت مطلع هذا الأسبوع من فم وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، إثر قيامه بسلسلة من المداهمات المفاجئة ″الكبسات″ على مستودعات الأدوية في عدة مناطق على الأرض اللبنانية، بصحبة مجموعة من المختصين في الصحة والأمن! الأمر الذي صفّق له معظم المواطنين ولاسيما منهم الذين يفتشون عن حبة دواء لعليل على آخر رمق. في حين إنبرى بعض مرضى العقول أو المستفيدين من تلك المستودعات إلى دسّ السم في العسل عبر توجيه إتهامات رخيصة إلى الوزير الذي حظي بتنويه من كل اللبنانيين على معظم آدائه في هذه الحكومة التي شابها العديد من السقطات.
اذا كان ما تم العثور عليه في مستودعات الأدوية المحتَكَرة هو “صيد ثمين وفضيحة مدوية” كما وصفها الوزير حسن. فما هو الوصف المناسب للذين صادروا أموال المودعين وتصرفوا بها وفق “قوانين” على قياسهم، إن كان في المصرف المركزي، أو في جمعية المصارف، أو في المؤسسات المالية التي نفذت نقل الكميات الضخمة من العملة الخضراء إلى خارج لبنان. الأمر الذي أدخل اللبنانيين في نفق الشّح المالي إلى حد الاختناق والعوز، فيما قيمة الليرة اللبنانية تنهار بشكل دراماتيكي أمام أعينهم، والأسعار تلامس حدود اللامعقول؟
وما هو الوصف المناسب، للذين إحتكروا المحروقات بأنواعها، وعملوا على تخزينها وتقنينها لبيعها باسعار خيالية، معرضين المجتمع لأسوأ أنواع الذّل، وأحياناً القتل الجماعي كما حصل في إنفجار التليل في محافظة عكار، ليتبيّن بوضوح أن المهربين أولاد صغار أمام المحتكرين؟
وما هو الوصف المناسب للذين مارسوا فجورهم بحجب المواد الغذائية عن المواطنين بهدف تكديس الثروات التي ستكون يوماً ما وبالاً على أصحابها، كما علمتنا معظم الكتب المقدسة والديانات السماوية؟
الثابت، وقياساً على الظروف الخانقة التي يعيشها أهل الوطن، وبعيداً عن السلطات الغائبة عن الوعي وكأنها في عالم آخر، يبدو أن اللبنانيين، أو معظمهم، قد تحولوا إلى كائنات مبرمجة لتدمير نفسها، عندما يفكرون بطرق انهزامية نتيجة القلق او الاكتئاب او ما شابه، ودفع انفسهم نحو العجز القسري، ويبرعون بالتصرف بشكل سلبي مع الآخرين. بدل ان يعمل الجميع متضامنين وبيد واحدة لإستعادة القدرة على الإنطلاق من جديد لبناء الوطن على أسس بعيدة كل البعد عن التي دفعته إلى التدمير الذاتي من أجل مصالح ومكاسب أحياناً شخصية جداً، واحياناً أخرى لصالح قوى خارجية لم ولن تفكر يوماً الاّ بمصالحها واستراتيجياتها!
مواضيع ذات صلة: