ميقاتي يراكم الايجابيات.. وقف الانهيار يتقدم على المشاريع السياسية!… غسان ريفي

إذا إستُكملت الدائرة الايجابية التي بدأت تأخذ شكلها على الساحة السياسية اللبنانية، فإنها ستقفل قريبا على تشكيل حكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يقدم اليوم نموذجا مختلفا عن كل السلوك السياسي الذي ساد خلال المرحلة الماضية.

لا يوجد خلاف لأي مكون سياسي مع الرئيس ميقاتي، فالذين بادروا الى تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة كانوا مقتنعين بأنه يشكل رجل المرحلة القادر على تدوير الزوايا والوصول الى القواسم المشتركة التي تفضي الى تأليف الحكومة، والذين لم يبادروا الى تسميته لأسباب تتعلق بهم وبمعطياتهم السياسية إعترفوا بوسطيته وبأنه ليس رجل محاور أو إصطفافات وأكدوا أنهم حريصون على تسهيل مهمته.

يبدو واضحا أن ثمة قرارا دوليا ـ إقليميا كبيرا يقضي بتشكيل حكومة في لبنان، وذلك بعد ظهور مؤشرات بالغة الخطورة حول حجم التداعيات الكارثية التي يمكن أن تنتج من “الارتطام الكبير” في حال حصوله، لذلك فإن الايجابية تنسحب على كل الأطراف السياسية على إختلاف توجهاتها، ومما ساهم في تعزيزها هو شخصية الرئيس ميقاتي الذي يفتش دائما آليات للتعاون والشراكة مع الآخر، إنطلاقا من إيمانه بأن لبنان لا يمكن أن ينهض إلا بجهود كل الأطراف، وأن إستقراره مرتبط بشكل وثيق بالتوازنات السياسية والطائفية التي لا بد من إحترامها، فضلا عن الالتزام بالدستور والحفاظ على إتفاق الطائف.

هذه الروحية، جسدها الرئيس ميقاتي ليل أمس في المقابلة التلفزيونية مع الزميل مرسال غانم في برنامج “صار الوقت” على شاشة (إم تي في) حيث أحيا بعض الأمل في نفوس اللبنانيين، وطمأن في الوقت نفسه الأطراف السياسيين، متخففا من المشاريع السياسية السابقة لأوانها، ومن الصراعات الدولية والاقليمية حول لبنان، وتأكيده بأنه يعمل على تشكيل حكومة وقف الانهيار وإعادة تأمين مقومات الحياة الكريمة للمواطنين، أي بصريح العبارة أننا “نريد أن نخرج من الجورة التي سقطنا بها وبعد ذلك نتحدث في سائر الأمور”.

الأولويات التي طرحها ميقاتي والتي تصب جميعها في خانة إخراج اللبنانيين بما تيسر، من الاحباط واليأس ومن المعاناة التي ترخي بثقلها على يومياتهم، أحرج بها كل الأطراف السياسية، من خلال تعزيز فكرة أن حل الأزمات المعيشية والاجتماعية والصحية اليوم، يتقدم على كل ما عداه على الصعيد السياسي.

بالأمس، وفي إطلالته التلفزيونية المحلية الأولى بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، راكم نجيب ميقاتي من الايجابيات، حيث أكد حرصه على شراكة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يتردد عليه في قصر بعبدا منذ التكليف إيمانا منه بأنه شريك فعلي في عملية التأليف تحت سقف الدستور، وأعلن إستعداده للتعاون مع جميع المكونات السياسية تحت مظلة الثوابت التي تحافظ على حقوق اللبنانيين وليس على حقوق فئة على حساب أخرى.

واللافت، أن ميقاتي عمل على توسيع هامش حركته الهادفة الى تشكيل الحكومة التي يراها مناسبة لوقف الانهيار في البلد، فلم يعط وعودا، ولم يرتبط بمواعيد، ولم يقيّد نفسه بمهل، ولم يلتزم بشروط، بل ترك الأمور على “التيسير” المرتبط بتعاون التيارات السياسية وسعيهم لتسهيل مهمة التأليف، خصوصا أن ميقاتي لم يأت الى رئاسة الحكومة ترفا، بل جاء في مهمة إنقاذية تسمو فوق كل الخلافات والصراعات القائمة.

ليس جديدا على الرئيس ميقاتي إعتماد سياسة اليد الممدودة، التي عززها في إطلالته أمس بفتح كل مجالات التعاون الوطني لتحقيق وقف الانهيار والانقاذ، لكن تحت سقف الدستور والثوابت، وعدم فرض الشروط التي أكد أنه لا يقبل من أحد أن يفرضها عليه، خصوصا أن الخطب اليوم جلل، وعلى التيارات السياسية أن تحسم خياراتها فإما التعاون للانقاذ أو التعطيل للانهيار.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal