أسئلة كثيرة طرحت في مختلف الأوساط السياسية حول مصير التكليف الذي حازه الرئيس نجيب ميقاتي خلال الإستشارات النيابية الملزمة، بتأييد بلغ 72 نائباً، أبرزها: هل أنّ مصير التكليف الثالث منذ استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب في 10 آب من العام الماضي، سيكون أفضل من سابقيه؟، وهل أن حظوظ ميقاتي بالتأليف ستكون مرتفعة أكثر من حظوظ كل من الدكتورمصطفى أديب والرئيس سعد الحريري، اللذين قدما إعتذارهما عن التأليف بعدما وصلت جهودهما إلى حائط مسدود؟
مؤشرات إيجابية عدة برزت في الساعات التالية التي أعقبت تكليف ميقاتي، لكن هذه المؤشرات ستبقى مجرد آمال وأمنيات إذا لم تترجم على الأرض، ويسلك التأليف مساره حتى النهاية، وصولاً إلى خروج الدخان الأبيض من قصر بعبدا وصدور مراسيم التأليف، وتجاوز العقبات الكثيرة التي اعترضت أديب والحريري على التوالي، ودفعتهما إلى الإعتذار عن إكمال المهمة حتى النهاية.
لم يعد خافياً رفض رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي المتمثل بصهره رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تسليم العام الأخير من العهد لحكومة لا يمتلكان قرارها، وتحديداً الثلث المعطل الذي يضمن سيطرتهما عليها، وهو رفض يعتبر من أبرز العقد، خصوصاً إذا ما قدر لهذه الحكومة أن تستلم زمام الأمور في البلاد وتملأ الفراغ فيها، إذا ما تعذر التوافق داخلياً وخارجياً على انتخاب رئيس جديد للبلاد خريف العام المقبل.
يضاف إلى هذه العقدة عقدة أخرى تتمثل في تمسك عون وباسيل بوزارة الداخلية، وسعيهما الحثيث للحصول عليها في عملية توزيع الحقائب في الحكومة المقبلة، إنطلاقاً من أن هذه الوزارة سوف تشرف على إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة ربيع عام 2022، وأن الإستحقاق الإنتخابي المقبل مصيري بالنسبة لهما، وتحديداً باسيل، الذي يسعى إلى الحفاظ على عدد نواب كتلته أولاً، وثانياً إلى رفع عدد أعضاء الكتلة البرتقالية لتكون سلاحه في استحقاق الإنتخابات الرئاسية، حيث يفترض أن تجعله نتائج تلك الإنتخابات أنه يمثل الكتلة المسيحية الأكبر، نيابياً وشعبياً، بما يُسهّل له خلافة عون في قصر بعبدا، ويُصعّب على الآخرين ـ وتحديداً خصومه من المسيحيين وخارجهم، تجاوزه.
هذه العقبات وغيرها يعرف طابخو تأليف الحكومة، في الداخل والخارج، أن تجاوزها صعباً للغاية، وأنّ تردي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية والمالية ليس دافعاً لإيجاد مخارج وتقريب وجهات النظر، وإيجاد تسويات معقولة، لأن الإستجابة لها من قبل ميقاتي غير ممكن ولا مقبول بعدما رفضها الحريري، وغيره أيضاً، كما أن تنازل عون وباسيل عنها غير متوقع منهما، لأن القضية بالنسبة إليهما تعتبر ـ في السياسة ـ مسألة حياة أو موت.
كيف سيستطيع ميقاتي تجاوز هذه العقبات وإقناع الأطراف كافة بضرورة التضحية من أجل تأليف الحكومة؟، وإلى أي مدى ستظهر براعته في تدوير الزوايا؟، وما حجم تأثير الداخل والخارج على عون وباسيل وسواهما لتسهيل ولادة الحكومة؟ كلها أسئلة لا أجوبة عليها بعد. وحدها الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عليها وعلى غيرها من الأسئلة.
مواضيع ذات صلة: