قبل شهر من الذكرى السنوية الاولى لانفجار مرفأ بيروت، والذي ذهب ضحيته أكثر من 200 شهيد وآلاف الجرحى ناهيك عن الدمار في الابنية والمؤسسات، كانت لافتة خطوة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار امس.
فبعد انتهاء جلسات الاستماع الى الشهود، قرر البيطار استجواب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كمدعى عليه في هذه القضية. الى ذلك، طلب المحقق العدلي رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيدا للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الاذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس، لإعطاء الاذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك للشروع باستجواب هؤلاء جميعا بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير.
وفي السياق نفسه، طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته.
كما وجه القاضي بيطار كتابا إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الصلاحية، طلب فيه إجراء المقتضى القانوني في حق قضاة.
وشملت قائمة الملاحقات قادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادعى بيطار أيضا، على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، العميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، العميد السابق في المخابرات جودت عويدات .
خطوة القاضي البيطار هذه، لاقت تجاوباً من بعض المشمولين بالقضية فأعلن كل من النواب نهاد المشنوق، علي حسن خليل وغازي زعيتر استعدادهم للمثول امامه والاجابة عن كل اسئلته.
بدوره، وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي لفت الى ان تصرف البيطار قانوني وهو سيقابله بالموافقة على اعطاء الاذن لملاحقة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
وفيما لم يصدر اي تعليق على الادعاءات من رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب او وزير الاشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس وحتى المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، كان لافتاً الترحيب الشعبي الذي لاقته خطوة البيطار هذه من خلال التعليقات على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
اما من الناحية القانونية، فقد اكد المحامي سميح بشراوي، في اتصال مع ″سفير الشمال″، “اننا نأمل ان يستكمل المحقق العدلي تحقيقاته لنرى الى اين ستصل الامور. لكن الاكيد اننا سنصل بالملف الى خواتيمه. فلدى القاضي البيطار معطيات ومعلومات مهمة وبالتالي التحقيق يتقدم”.
وحول ما اذا كان سيُسمح للبيطار بإتمام مهمته، قال “القانون يلزم الجميع ان يمثلوا امامه والواثق من براءته يجب ان لا يختبئ وراء حصانته”.
واضاف “ما يقوم به المحقق العدلي الان هو الصواب من التراتبية المطلوبة في الاجراءات، فهو يطلب الاذن لكي يلاحق”
وتابع “بالنسبة للمحامين، فإن عضويتهم في النقابة تعلق بمجرد ان يعينوا كوزراء. وبالتالي لدى وصول الملفات الى مجلس النقابة، ينظر الى كل واحد منها حسب قيوده. ولدى مجلس النقابة مهلة شهر ليدرس الملف ويجاوب عليه. واذا كان المحامي وزيرا في الفترة التي وقع فيها الانفجار، يرد المجلس بأن قيده معلق فيعود الملف الى المحقق العدلي الذي يستدعيه ويحقق معه بأي صفة يريد. اما بالنسبة الى النواب المحامين فإن قيودهم لا تعلق، فللنائب الحق في مزاولة مهنة المحاماة”.
وعن تعليق اهالي الشهداء على هذه الخطوة اجاب “انه شيء جيد ان التحقيق يتقدم. نحن نجتمع بهم كل فترة لنطلعهم على مجريات الامور، واعتقد انه سيكون لهم تعليق على ما حصل اليوم”.
ويختم: “التحقيق سيأخذ مجراه لا محال، والصورة تتوضح شيئاً فشيئاً، فجريمة بهذا الحجم تحتاج للوقت لتتكشف ملامحها. واذا تمكن المحقق العدلي من اصدار قراره في وقت قريب يكون قد حقق انجازاً، لكن الاكيد اننا سنصل الى الحقيقة في النهاية”.
اذاً، هي خطوة جريئة قام بها المحقق العدلي بتخطيه كل الحصانات والمحسوبيات واحتكامه لاصول القضاء وضميره المهني. فعساها تكون البداية لعودة الثقة بالقضاء لإنصاف من استشهدوا جراء فساد رجال الحكم وجشعهم.
مواضيع ذات صلة: