مخطئ من يعتقد أن حزب الله يمكن أن يحابي أي جهة سياسية في لبنان على حساب حركة أمل، فالثنائي الشيعي الذي يضم الطرفين في حلف قوي ومتين، عصيّ على الاختراق، وعلى زرع الشقاق فيه.
لذلك، فقد إرتكب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل غلطة ليست بـ”ألف” خصوصا أنه ليس بـ”شاطر”، بل هي غلطة قاتلة تضاف الى الأخطاء التي يرتكبها تباعا نتيجة حالة الارباك التي تسيطر عليه بفعل الضغوطات التي يواجهها معطوفة على هاجس الخروج من المعادلة السياسية بعد قيام الرئيس سعد الحريري باسقاط التسوية الرئاسية التي أكملت دائرة العزل حوله وحول تياره.
يمكن القول، إن تفويض باسيل أمره وأمر من يمثل الى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وقبوله بما يقبل به لنفسه، أدى الى خسارته في الشارع المسيحي، من دون أن يربح حزب الله، خصوصا أن كلام “صهر العهد” جاء بعيدا عن المنطق اللبناني القائم على إعتزاز كل طائفة بنفسها ورفض أي منها مهما كان حجمها العددي أو التمثيلي أن تسلم أمرها الى طائفة ثانية، فكيف بتسليم التيار الوطني الحر وشارعه المسيحي أمرهما الى حزب الله.
لا شك في أن المعارضين المسيحيين لباسيل نجحوا في الاستثمار بـ غلطته، حيث عملوا على أوسع تجييش ضده وضد حزب الله وسلاحه وصلت تأثيراتها الى الشارع البرتقالي، خصوصا أولئك الذين كانوا يدعون الى إعادة النظر في تفاهم مار مخايل، وغيرهم من الرافضين لسلاح الحزب، والغاضبين عليه لكونه لم ينصر تيارهم في معركته ضد بري والحريري، وأيضا أولئك الذين يحملونه مسؤولية الفشل في بناء الدولة.
وقد رفض هؤلاء سواء من خلال موقفهم السياسي المعارض أو عبر خلفيتهم المسيحية المارونية التي لا ترضى بالسير في ركب أو تحت مظلة أي طائفة أخرى، خطوة باسيل التي يبدو أنه سيدفع ثمنها في ساحته البرتقالية قبل الشارع المسيحي المعارض له.
في المقابل، فإن باسيل لم يعوض خسارته مسيحيا بربح من جانب حزب الله، خصوصا أن رئيس تكتل لبنان القوي لامس المحرمات بنظر كثيرين، لجهة إتهامه بالسعي الى شق الصف الشيعي ووضع حزب الله أمام خيارين فإما الوقوف الى جانبه ودعمه خصوصا أنه قدم تضحيات ومنها العقوبات الأميركية بحقه والتي يحاول دائما رميها على علاقته بحزب الله في حين أن عنوانها كان الفساد، أو الوقوف الى جانب الرئيس بري وفي ذلك تهديد مبطن باسقاط تفاهم مار مخايل.
يعلم القاصي والداني، أن هذا المنطق مرفوض من قبل الحزب، خصوصا أن السيد نصرالله هو من دعا الى الاستعانة بالرئيس بري للوصول الى حل، وهو من أوفد معاونه السياسي حسين خليل مع معاون الرئيس بري النائب علي حسن خليل للوقوف على خاطر باسيل ومفاوضته لكن من دون الوصول الى نتيجة.
الى ذلك، فإن باسيل ما يزال يصر على الثلث المعطل الذي أعلن السيد نصرالله رفضه له إنسجاما مع الاجماع اللبناني ضده، وهذا الأمر أكده أمس النائب جورج عطالله الذي إعتبر أن الحريري قادر على إقالة الحكومة، وكذلك الثنائي الشيعي قادر على إقالتها، فلماذا ممنوع على رئيس الجمهورية والتيار الوطني أن يكون لديهما الامكانية في إقالة الحكومة، وفي ذلك إشارة الى الانسجام المفقود مع حزب الله الذي من المفترض أن يكون مع رئيس الجمهورية ومع التيار البرتقالي فريقا واحدا ضمن الحكومة قادرا على التحكم بقراراتها وعلى إقالتها.
في كل الأحوال، يبدو أن باسيل دخل في معركة خاسرة، الأمر الذي سيضعه أمام خيارين، فإما الذهاب بعيدا وتحمل مسؤولية الفراغ والانهيار اللذين لن يبقى حزب الله مكتوف الأيدي حيالهما، أو أن يعمل على تدوير الزوايا ويقبل بما كان طرحه السيد نصرالله.
مواضيع ذات صلة: