هل فهم باسيل رسائل السيد نصرالله؟!… غسان ريفي

رسائل كثيرة حملتها كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل منها ما هو واضح، ومنها ما هو مشفّر، ومنها ما يحتاج الى الغوص فيها لقراءة وفهم ما بين السطور، لكن في كل الأحوال فإن السيد نصرالله وضع النقاط على الحروف، حتى كاد ينسف كل ما جاء على لسان باسيل في مؤتمره الصحافي يوم الأحد الفائت، فهل وصلت تلك الرسائل وهل فهمها باسيل؟..

يمكن القول، إن السيد نصرالله حرص على أن يراعي تفاهم مار مخايل، والحساسية المفرطة لباسيل وتياره بفعل الارباك الذي يسيطر عليهم، فأطلق “صليات” من المواقف السياسية باتجاه خصوم التيار الذين حاولوا أن يصطادوا بالماء العكر ويستثمروا في مواقف باسيل لتأليب الشارع المسيحي عليه.

لكن في الوقت نفسه، لقّن السيد نصرالله باسيل درسا في أصول التأليف الحكومي وإحتساب عدد الوزراء، ولفت نظره الى أن الـ 3 ثمانيات التي تشكل 24 وزيرا لا تعني “المثالثة” لأن الثمانية الأولى تتضمن 5 وزراء سنة وإثنان مسيحيان وواحد درزي، والثمانية الثانية تتضمن 5 شيعة وثلاثة مسيحيين للمرده والقومي، والثمانية الثالثة تتضمن 7 مسيحيين ودرزي، في حين أن المثالثة تكون بـ 16 مسلما وبـ 8 مسيحيين فقط، وفي ذلك دعوة ضمنية لباسيل لمراجعة حساباته بالتخلي عن فكرة الثلث المعطل والكف عن التحريض الطائفي ومحاولة إستمالة الشارع بشعار الدفاع عن حقوق المسيحيين.

لا شك في أن هناك كلاما كثيرا لم يقله السيد نصرالله صراحة لكنه قصده، لا سيما تلافيه “الفخ” الذي نصبه له باسيل بطلبه منه في أن يكون الحكم، وتأكيده أنه يقبل ما يقبل به السيد لنفسه، وفي ذلك محاولة لباسيل لإظهار السيد نصرالله بأنه “المرشد الأعلى” وتحميله مسؤولية الفشل المتواصل الذي تشهده عملية التأليف، ما إستدعى تأكيدا من نصرالله بـ”أنني لست حكما، بل أنا طرف يقف مع الحق حيث يكون تارة مع رئيس الجمهورية وتارة مع الرئيس المكلف”، وفي ذلك دعوة مبطنة لباسيل الى أن “يخيط بغير هالمسلة” في مسألة “نقبل ما تقبل به لنفسك” حيث نصح نصرالله باسيل بأن لا يقبل ما يقبله لنفسه، لأن لحزب الله ظروفا وأولويات وسلوكيات ومواقع مختلفة لا يمكن لباسيل أن يطالها أو أن يضع تياره ضمن حساباتها.

ما بين سطور كلمة نصرالله الكثير من “الدبابيس” السياسية لزوم بعض النوايا المبيتة، خصوصا أن باسيل كان يلتقي طيلة الفترة الماضية مع الحاج حسين الخليل والحاج وفيق صفا، اللذان كانا ينقلان للسيد نصرالله وجهة النظر الباسيلية، فلماذا أقدم جبران على الاستغاثة بالسيد عبر وسائل الاعلام طالما أن الحوار مفتوحا مع موفديه الى البياضة؟.

يقرأ بعض المراقبين أن باسيل أراد إحراج نصرالله وإظهاره بأنه المقرر الأوحد في عملية تأليف الحكومة، فضلا عن محاولته إحراج الرئيس المكلف سعد الحريري بوضعه تحت جناح حزب الله، وذلك بهدف ضرب عصفورين بحجر واحد، لجهة إفشال مبادرة الرئيس نبيه بري، وإظهار الحريري بأنه يشكل حكومة حزب الله لما لذلك من تداعيات خليجية سلبية عليه، وهذا ما نجح السيد نصرالله في الخروج منه بكثير من الحنكة والحكمة من دون أن يسيء الى حليفه أو يتسبب بأذى لتفاهم مار مخايل.

يقول المراقبون: إن السيد نصرالله ضرب باسيل بيد من حديد مغلفة بقفاز من المخمل، وهو بالرغم من قبوله التكليف كصديق للعمل على حل الأزمة الحكومية، إلا أنه وضع سقفا لم يعد أحد قادرا على تجاوزه وهو العمل ضمن مبادرة الرئيس بري، ورفض حصول باسيل على الثلث المعطل.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal