فرنسا تملأ وقتاً ضائعاً.. ملف لبنان في مكان آخر… عبد الكافي الصمد

بينما كان لبنان، الرسمي والسّياسي والإعلامي، مشغولاً بزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وما سيحمله في جعبته من مواقف سيدلي بها خلال لقائه على مدى يومين شّخصيات أثير جدل واسع حولها، وما إذا كانت هذه الشّخصية أو تلك موجودة على برنامج لقاءاته أم لا، فإنّ الحدث الإقليمي البارز المتعلّق بلبنان كان في مكان آخر.

فالزّيارة اللافتة التي قام بها مدير المخابرات السّعودي خالد الحميدان إلى دمشق يوم الإثنين الماضي، ولقائه فيها الرئيس السّوري بشّار الأسد ومسؤولين سوريين آخرين، لم تقتصر عند هذا الحدّ، فقد كشفت مصادر سياسية وإعلامية مطلعة أن الحميدان إلتقى في العاصمة السّورية المعاون السّياسي للأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله حسين الخليل، والمسؤول الإعلامي في الحزب محمد عفيف، في لقاء نادراً ما يحصل بين مسؤولين سعوديين وآخرين من حزب الله، ما يعطي دلالات بالغة الأهمية ستكون لها تداعيات غير مسبوقة، خصوصاً على السّاحة اللبنانية.

هذا التحوّل في السّياسة الخارجية السّعودية ليس الأول من نوعه، لكنّه شهد في أشهر قليلة محطات لافتة ومتسارعة، جعلت المراقبين يقفون باهتمام عند أسباب هذا التحوّل ونتائجه المحتملة، وعند الإرباك الذي ساد حلفاء السّعودية في المنطقة، وتحديداً في بلد مثل لبنان، الذين لم يكونوا في أجواء ما يحصل، ولا استطاعوا هضم هذا التحوّل، أو على الأقل مجاراته.

هذا الإنفتاح السّعودي بدأ مع المصالحة مع قطر عندما شاركت الدوحة في القمة الخليجية التي عقدت في مدينة العلا السعودية في 7 كانون الثاني الماضي، واستتبعت بلقاء جمع مسؤولين أمنيين سعوديين وإيرانيين في العاصمة العراقية بغداد في 18 نيسان الماضي، قبل أن يقفل الإنفتاح السّعودي أبواب مفاجآته يوم الإثنين الماضي من العاصمة السّورية في اتجاهين: الأول في اتجاه الرئيس السّوري وحكومته، بشكل يمهّد لإعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بعد إعادة فتح السّفارة السّعودية في سوريا بعد عطلة عيد الفطر؛ والإتجاه الثاني نحو حزب الله، ما سيترك تداعيات واسعة ليس لجهة العلاقة بين المملكة والحزب فقط، أبعد من ذلك، وهي ستترك بلا شك إنعكاسات على السّاحة اللبنانية.

هذه الإنعكاسات دفعت قوى سياسية لبنانية مختلفة إلى تدارك الأمور قبل فوات الأوان، من أجل الحفاظ على مواقعها ونفوذها ومصالحها، لكن أغلبها جاء متأخّراً جدّاً، إذ تبين أن الطبقة السّياسية الحاكمة إستبعدت نفسها ولبنان عن التفاهمات الإقليمية الجارية بسبب تصرفاتها ومواقفها وقراءاتها الخاطئة، بعدما اتضح أنّ الملف اللبناني بكلّ ما يحتويه من تعقيدات بات في عهدة مثلث سوريا والسّعودية وإيران، وأنّ تدخل فرنسا عبر مبادرتها الشهيرة التي طرحتها بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، لم يكن سوى لملء الوقت الضائع.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal