تأليف الحكومة آخر إهتمامات أهل السّلطة… عبد الكافي الصمد

لم يعد أحد من أهل السّلطة مهتمّاً بتأليف الحكومة، بعدما وصلوا إلى يقين لديهم أنّ أمر التأليف لم يعد أحد منهم يرغبه إلّا وفق شروطه التعجيزية، وما يناسب تحديداّ مصالحه ومصالح جماعته، ما جعل الجميع ينفض يديه من هذا الملف، بانتظار إنفراج للأزمة لا يبدو قريباً.

هذا الإقتناع بدأ يكبر تدريجياً منذ الأيّام الأولى التي تلت تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأوّل العام الماضي، قبل أن يلمس الأطراف المعنيون بالتأليف، والوسطاء، بأنّ ظروف تأليف الحكومة، التي كانت تتضاءل كلّ يوم، لم تعد متوافرة، وهي التي لم تكن متوافرة أصلاً في السّابق إلّا شكلاً.

فالحريري الذي كان وما يزال يحاول إزالة الألغام من أمامه، وتدوير الزوايا خلال مرحلة التأليف التي شهدت تجاذباً حادّاً بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحرّ، وزار اكثر من بلد خارجي خلال مرحلة تكليفه وما يزال، كان يدرك في قرارة نفسه أنّ “مفتاح” تأليفه الحكومة موجود في مكانين: الأول في المملكة العربية السعودية التي ما تزال تغلق في وجهه الأبواب، وتحديداً ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ والمكان الثاني هو قصر بعبدا الذي ما يزال من يقيم فيه ـ الرئيس عون ـ يرفض إعطاء الحريري حكومة لا يملك قرارها، أيّ حصوله على الثلث زائداً واحداً، وهو ما يصرّح به أو يلمّح إليه مقربون منه، بقولهم إنه إذا لم تؤلّف حكومة نحصل فيها على ما نريده، وتكون “نقطة إرتكاز” لرفع شعبية عون في اخر ولايته، فليبق الوضع على ما هو عليه.

أمّا عون وصهره رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، فيدركان أنّ أكثرية الفرقاء وأهل السلطة لا يحبذون بأيّ شكل من الأشكال منحهما الثلث زائد واحداً في أيّ حكومة مقبلة، أذ أكد جميع خصوم عون وباسيل ـ وهم كثر ـ بأنه ليس من مهمتهم بأن يقوموا بإنقاذ عهد عون وتعويم باسيل وتياره، وأنّه إذا أصرّ الإثنان ـ عون وباسيل ـ البقاء على شروطهما للتأليف، فإنّ إبقاء الوضع على ما هو عليه يبقى أفضل، لأنّ ذلك برأيهم يستنزف العهد، ويتسبب في تراجع شعبيته واتساع رقعة خصومه.

وإذا كانت بقية الأطراف في الدّاخل تدعم هذا الطرف أو ذاك، أو تفضّل البقاء على الحياد، من حزب الله إلى حركة أمل والقوّات اللبنانية والحزب التقدّمي الإشتراكي وتيّار المردة وغيرهم، فإنّ القوى الخارجية المؤثّرة في لبنان تحاول بكلّ جهدها الإبقاء على نفوذها في لبنان، وأن تكون مؤثّرة فيه ولها كلمتها الفصل بقضاياه، من أميركا إلى إيران وسوريا والسّعودية وفرنسا وسواها من الدول، وهي قوى تفضّل هذه الأيّام تأجيل البحث في الملف اللبناني إلى حين انتهاء البحث والنقاش والتفاهم على ملفات أهم منه، وهو تأجيل من شأنه أن ينعكس تأزّماً في السّاحة المحلية، التي يسأل كثيرون فيها إلى متى نستطيع الصمود والإنتظار حتى ولادة تفاهم خارجي ينقذنا، في حين أنّ البلد ينهار ومهدد كما لم يكن من قبل، في كيانه ووحدته وحدوده؟.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal