الثلث المعطل لم يعد موجودا إلا في عقل باسيل!… غسان ريفي

لم يأخذ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بنصيحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا المعنيين بتشكيل الحكومة الى عدم رفع السقوف السياسية كونها تعقد المواضيع، فأمعن من خلال كلمته المتلفزة في تعميق الهوة بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، وسائر الأطراف السياسية من الرئيس نبيه بري مرورا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى التيارات المسيحية التي إعتبرت بأن باسيل يستقوي عليها، ويتخذ من حقوق المسيحيين ذريعة للوصول الى طموحاته السياسية.

ربما شعر باسيل بأنه خالف رغبة السيد نصرالله، فبالغ في كلمته بإرضاء حزب الله معتبرا أنه الوحيد الذي وقف الى جانب التيار، لكنه لم يدرك أن الحزب يرتبط بتفاهم مع الحريري، وأن السيد نصرالله سبق ورسم خارطة طريق للحل، تقضي برفض حصول أي طرف على الثلث المعطل، وبكسر الرقم 18 لعدد وزراء الحكومة، إنطلاقا من حرصه على الوصول الى حل للأزمة والخروج من الضغوطات المستجدة، لاسيما ما يتعلق بعناوين التدويل المطروحة من قبل بكركي التي تنتظر في الأيام المقبلة حركة سياسية وشعبية ناشطة.

يمكن القول إن باسيل لم يقدم أية مبادرة جدية تستحق النقاش، حيث ترى مصادر مواكبة أنه “قدم إقتراح  الاصلاح مقابل الحكومة وهو على يقين بأن أحدا لن يسير به، كما أن المعنيين لم يأخذوا إقتراحه على محمل الجد لقناعتهم بأنه محاولة منه لذر الرماد في العيون، خصوصا أن إقرار الاصلاحات يحتاج الى قرار في مجلس النواب الذي يمتلك فيه الفريق الذي ينتمي إليه باسيل الأكثرية وخصوصا مع إستقالة ثمانية نواب من فريق 14 آذار بعد إنفجار المرفأ ووفاة إثنين، علما أن هذه الاصلاحات لا يختلف عليها أحد، لكن باسيل أراد من طرحها عرض عضلاته أمام تياره وشارعه المسيحي”.

يبدو واضحا، أن الثلث المعطل لم يعد موجودا إلا في عقل باسيل، حيث أنه وللمرة الأولى تتوافق كل التيارات السياسية في لبنان بمن فيهم حزب الله على رفض إعطاء الثلث المعطل لأي تيار سياسي بمفرده، كما أن هذا الرفض تجاوز الحدود اللبنانية الى فرنسا وروسيا وإيران وسائر الدول المعنية بالشأن اللبناني، إلا أن باسيل يصر عليه في طروحات متناقضة، لجهة محاولته إقناع اللبنانيين بأن التيار الوطني الحر ينفصل عن رئيس الجمهورية، وبأن الثلث المعطل الذي يريده عون لا علاقة له بالتيار الذي لا يريد أن يشارك في الحكومة، إضافة الى إيحائه بأن التيار يخضع للضغط للمشاركة وهو لا يريد ذلك (شو المشاركة بالقوة) علما أن أحدا لم يتواصل معه بأي شأن حكومي باستثناء ما يُقدم إليه من دوائر قصر بعبدا عن اللقاءات التي يعقدها الرئيسين عون والحريري.

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل إن باسيل إختلط عليه الأمر في كيفية مقاربة الشأن الحكومي، حيث تحدث تارة نيابة عن رئيس الجمهورية، وتحدث تارة أخرى كرئيس للجمهورية، وطورا كوصي على الجمهورية، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من اللبنانيين الذين عبروا عن رفضهم لهذا السلوك الباسيلي الذي يُمعن في إضعاف الرئاسة الأولى.

لا شك في أن باسيل نجح في إقفال آخر ثغرة في جدار الأزمة الحكومية، وبإنتظار أن يفتش الرئيس الحريري عن ثغرة جديدة بالتعاون مع الرئيس نبيه بري، بدأ باسيل بشن حرب طائفية غير مبررة تحت عنوان: “إنتزاع حقوق المسيحيين”، واضعا نفسه وتياره ضمن بوتقة طائفية من شأنها أن تضعف حضوره الوطني وأن تُحرج المنتسبين الى التيار البرتقالي من المسلمين بعدما تقدم العنوان المسيحي على كل ما عداه، في وقت كل اللبنانيين باتوا فيه بحاجة الى من ينتزع حقوقهم في ظل الأزمات المتلاحقة التي تتوالد ماليا وإقتصاديا وإجتماعيا وصحيا وإنسانيا.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal