الحريري يُحرج عون.. هل تتحول أزمة التأليف الى أزمة حكم؟… غسان ريفي

الحل بكبسة زر.. والزر في بعبدا.. وبعبدا تريد الثلث المعطل.. والثلث المعطل ثابت في قاموس رئيس الجمهورية ومستحيل في قاموس الرئيس المكلف.. الأمر الذي يضع لبنان أمام ″أزمة تأليف″ طويلة قد تتحول في أي وقت الى ″أزمة حكم″ خصوصا إذا كانت نتائج زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى السعودية سلبية.

ما قاله الرئيس ميشال عون تصريحا في الفيديو المسرّب من قصر بعبدا عن الرئيس سعد الحريري وخصوصا ما حرفيته: “قال عطيناه ورقة.. عم يكذب.. عمل تصاريح كذب”.. ردّ عليه الحريري تلميحا بإظهار الورقة التي أعطاه عون إياها في الجلسة الثانية من مشاورات التأليف، والتي ظهرت بالألوان أمام عدسات المصورين الذين سارعوا الى تصوير مضمونها الذي إنتشر فيما بعد على مواقع التواصل الاجتماعي، ليُحرج الحريري بذلك عون ويكشف هوية ونوعية الوزراء الذين إقترحهم، وليثبت بأنه إختار ستة منهم بمن فيهم الطاشناق، وليحسم الأمر بالنسبة لرفض الثلث المعطل بشكل مطلق ونهائي.

لكن على الحريري في المقابل أن يكشف الأسماء التي قدمها الى الرئيس عون ليتمكن اللبنانيون من إجراء مقارنة بين الطرحين طالما الأمور باتت مكشوفة، وهذا ما دعاه إليه النائب وائل أبو فاعور خلال إطلالته ليل أمس في برنامج “وهلق شو” مع الزميل جورج صليبي على قناة الجديد.

هذا السلوك المستجد على السياسة الحريرية، أربك دوائر القصر الجمهوري، فكان رد المكتب الاعلامي ضعيفا حيث إكتفى باتهام الحريري بالمغالطات وبفرض أعراف جديدة، من دون أن يقدم أية قرائن أو براهين على غرار ما فعل الحريري بعرض الورقة الوزارية الملونة، كما أشعل الحريري الجبهة البرتقالية التي تسابق نوابها وقياداتها على الرد عليه، لكن المفارقة أن جميع الردود تناولت شعار “التدقيق الجنائي”، علما ان الحريري طالب به شرط أن يبدأ من العام 1989 ويشمل كل المؤسسات لكشف كل المرتكبين، الأمر الذي إعتبرته بعض المصادر “ضعفا إضافيا للتيار البرتقالي الذي لم يتمكن من إقامة “الحجة” على الحريري فقفز الى الأمام ولجأ الى إتهامه برفض “التدقيق الجنائي”، ما إستدعى إستنفارا لجبران باسيل الذي سيبدأ بدراسة كل مواقف الحريري تمهيدا للرد عليها في المؤتمر الصحافي الذي سيعقده يوم الأحد المقبل.

ثمة نظرتان حول خطاب سعد الحريري في الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد والده، الأولى من حيث الشكل حيث ترى أن الخطاب جاء هجوميا، إنفعاليا وعالي النبرة رد فيه الحريري “الصاع صاعين” إنطلاقا من الظلم الذي شعر به الحريري خلال الفترة الماضية.

والثانية من حيث المضمون حيث ترى أن الحريري آثر عدم نسف الجسور وحافظ على شعرة معاوية مع رئيس الجمهورية، وعلى قاعدة النظر الى نصف الكوب الملآن، فإن الحريري ضمّن خطابه عبارات تصالحية عندما أكد أن الحكومة ستتشكل وأنه لن يعتذر، وأنه مستعد لتغيير الحقائب وتبديل أسماء الوزراء، وصولا الى التخلي عن إسم وزير الداخلية الذي إقترحه لمصلحة تقديم أسماء إضافية الى عون للاختيار منها، إضافة الى حسم موقف الأرمن بأنهم سيكونوا الى جانب عون وليس الى جانبه، والتأكيد على حياد الموقف الفرنسي.

أمام هذا الواقع، يبدو واضحا أن خطاب الحريري سيبقى في دائرة التفاعل السياسي الى أن يحين موعد المؤتمر الصحافي لجبران باسيل يوم الأحد المقبل للرد عليه، وبعدها ستبدأ نتائج زيارة الرئيس ماكرون الى السعودية بالظهور، فإذا حمل معه ضوءا أخضرا لانجاز التأليف فإن الجميع سيسارع الى تدوير الزوايا، وعندها قد يتقدم خيار “الوزير الملك” الذي يعمل عليه حزب الله والذي يبدو أنه الخيار الوحيد حتى الآن.

أما إذا بقي الضوء الأحمر السعودي قائما، فإن لبنان سيمضي نحو “أزمة حكم” وسيشهد مزيدا من الانهيار بانتظار أن تنضج التسويات الكبرى في المنطقة. 


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal