‏ تفاهم مار مخايل لم يعد ″الفانوس السحري″ لـ جبران باسيل!!… غسان ريفي

لطالما ردد كثيرون أن مصير “تفاهم مار مخايل” بين التيار الوطني الحر وحزب الله سيكون معلقا على حبال الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإذا بادر الحزب الى دعم جبران باسيل وإيصاله الى قصر بعبدا على غرار ما فعل مع عمه العماد ميشال عون، فإن “التفاهم” مرشح للاستمرار وربما لمزيد من التطور، وإذا لم يدعم باسيل فإن التفاهم سيكون في حكم المنتهي، بل يذهب البعض الى أبعد من ذلك في إمكانية أن يتحول الى خصومة سياسية.

لذلك، فقد أوحى الموقف السلبي للتيار الوطني الحر تجاه “تفاهم مار مخايل” في الذكرى الـ15 لتوقيعه (لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون) برغبة برتقالية في الحصول على ضمانات لباسيل في مساعدته على تحقيق طموحه الرئاسي، وفي إلزام حزب الله بتوفير الدعم السياسي للتيار في كل الاستحقاقات.

في قراءة هادئة للفقرة الأخيرة من بيان المجلس السياسي للتيار البرتقالي المتعلقة بتفاهم “مار مخايل” يتبين أنها تحمل في طياتها جملة من الرسائل السياسية تم إطلاقها في إتجاهات مختلفة، من أبرزها:

أولا: إنزعاج التيار الوطني الحر من إصرار حزب الله على التمسك بالرئيس المكلف سعد الحريري لتأليف الحكومة، وعدم دعم مطلبه بالحصول على “الثلث المعطل” أو على الوزارات الأمنية والعدلية، ودخوله بعد فترة من “الحياد” في مفاوضات مع باسيل وغيره من أجل تسهيل مهمة الحريري بما يساعد على ولادة الحكومة.

ثانيا: محاولة التيار البرتقالي إشراك حزب الله في فشل عهد ميشال عون في سنواته الأربع، والايحاء بأنه ليس بمفرده المسؤول عما آلت إليه الأوضاع، بل هناك مسؤولية للحزب الذي لم ينجح التفاهم معه في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون.

ثالثا: سعي التيار الوطني الحر الى إستعادة شعبيته التي تشهد تراجعا واضحا، وإستمالة الشارع المسيحي بتوجيه الانتقادات لتفاهم “مار مخايل” والاصرار على مراجعة بنوده وتطويرها بما يساعد على فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين.

رابعا: تقديم جبران باسيل أوراق إعتماده للادارة الأميركية الجديدة في إطار سعيه الحثيث والوساطات التي يقوم بها لرفع العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترامب عليه.

خامسا: إنزعاج باسيل من تحويل علاقته المباشرة مع قيادة حزب الله وعلى رأسها السيد حسن نصرالله الى عدة لجان مهمتها دراسة هذا التفاهم وإعادة صياغته بما يصب في مصلحة الطرفين.

سادسا: شعور التيار البرتقالي بأنه بات معزولا سياسيا بفعل علاقاته المتوترة مع كل الأطراف، من القوات بعد إنهيار “تفاهم معراب”، مرورا بالمستقبل بعد إنتهاء التسوية الرئاسية، وصولا الى حركة أمل، تيار المردة، الحزب التقدمي الاشتراكي، حتى حزب الطاشناق والحزب القومي خالفا توجهاته في الاستشارات النيابية الملزمة وقاما بتسمية الرئيس الحريري، في وقت تتفاوت فيه علاقات الحزب مع هذه الأطراف بين التحالف والتفاهم والمهادنة وتنظيم الخلاف.

في ظل الهيجان العوني تجاه تفاهم مار مخايل، والشعور البرتقالي بالفشل، يحافظ حزب الله على هدوئه، ويترك تقييم الأمور للجان المعنية التي تم تشكيلها من الطرفين، علما أن قيادة الحزب تضع في سلم أولوياتها السياسية الحفاظ على التيار الوطني الحر كحليف مسيحي، لأن أي تراجع أو ضعف في ساحته من شأنه أن يصب في مصلحة القوات اللبنانية.

تقول مصادر سياسية مطلعة: إن التيار الوطني الحر كان ينظر الى “تفاهم مار مخايل” على أنه “الفانوس السحري” الذي يحقق كل أمنيات رئيسه جبران باسيل، خصوصا أنه أوصل عمه ميشال عون الى الرئاسة بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ وتعطيل جلسات الانتخاب، ومنحه أكثرية مسيحية عبر قانون الانتخابات، فضلا عن تمكينه من الامساك بالسطة والأمن والقضاء، لكن كل ذلك يذهب سدى إذا لم ينته بوصول باسيل الى الرئاسة، والى أن يحين موعد هذا الاستحقاق سيبقى تفاهم مار مخايل يتأرجح، باتنتظار أن تحدد الانتخابات الرئاسية مصيره.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal