في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس المكلف سعد الحريري جولته الخارجية من مصر الى الامارات وصولا الى باريس المرجح أن يزورها قريبا، بهدف حشد الدعم لخياراته الحكومية، تنشط ورش ″التدعيم″ في قصر بعبدا للتصدي لأية ضغوطات خارجية يمكن أن تمارس على رئيس الجمهورية ميشال عون لتبديل مواقفه، لأنه بحسب مقربين، فإن ″عون لن يكتب بيده نهاية عهده، ولن يكون سببا في قطع طريق بعبدا على جبران باسيل، وهذا الأمر يتطلب كلمة نافذة في الحكومة تبقي التيار ورئيسه ضمن المعادلة السياسية في كل الظروف″.
في الشكل، تحركت المياه الراكدة في البركة الحكومية، سواء عبر الحجارة والمولوتوف والقنابل التي ألقيت في طرابلس، أو من خلال عملية إغتيال الناشط السياسي لقمان سليم والتي فتحت الباب على مخاوف كبرى من إمكانية الاستفادة من الوضع اللبناني الهش لتصفية الحسابات بالحديد والنار.
أما في المضمون فإن الاتصالات تتكثف من أجل بلورة حل يمكن أن يساهم في تشكيل الحكومة، من دون أن يخلو الأمر من بعض “التذاكي السياسي” البرتقالي، باستخدام الوزير الأرمني للحصول على الثلث المعطل بشكل غير مباشر، ففي الوقت الذي يتمسك فيه الحريري بصيغة (6+6+6) لا ينفي مقربون من قصر بعبدا ان هذه الصيغة ما تزال قائمة وموجودة على طاولة البحث، لكن الخلاف هو أن الحريري يريد الوزير الأرمني من ضمن حصة الـ 6 لعون الذي يطالب بأن يكون من خارج حصته، ما يعطيه ستة وزراء + وزير أرمني يسميه الطاشناق المتحالف مع التيار الوطني الحر، ما يعني حصوله على سبعة وزراء يشكلون الثلث المعطل.
أو رفع عدد وزراء الحكومة الى 20، بتسمية وزير درزي محسوب على النائب طلال أرسلان يشكل مع الوزراء الستة لرئيس الجمهورية الثلث المعطل أيضا.
وفي هذا الاطار، يبدو واضحا أن الثلث المعطل بات مرفوضا من كل الأطراف، كما ليس بالضرورة بحسب بعض المصادر أن يلتزم الطاشناق مع عون وباسيل، خصوصا أنه خلال الاستشارات النيابية الملزمة خالف تواجهات تكتل لبنان القوي وسمى الحريري لرئاسة الحكومة على غرار ما فعلت الكتلة القومية الاجتماعية وذلك يحسب تمنيات حزب الله الذي لم يسم أحدا لكنه يتمسك الى أبعد الحدود بالحريري ويعمل جديا على تسهيل مهمته”.
في غضون ذلك، تشير المعلومات الى أن حزب الله تحرك جديا بإتجاه باسيل بهدف تليين موقفه، وإقناعه بأن الثلث المعطل وأكثر متوفر بيدهما سويا (الحزب والتيار) خصوصا أن المصلحة الوطنية وإنقاذ عهد عون والوضع الاقتصادي وجائحة كورونا والتفلت الأمني، كل ذلك يحتاج الى حكومة، وبحسب المعلومات فإن باسيل وعد بدراسة الأمر والتشاور مع الرئيس عون.
وبحسب المعطيات، فإن عون وباسيل باتا في وضع لا يحسدان عليه، فرفض صيغة الحريري تضعهما في خانة تعطيل البلد وقيادته الى جهنم، والقبول بها تفتح باب جهنم على باسيل المهدد بأن يكون خارج المعادلة السياسية في حال إنتهاء ولاية عمه ولم يصر الى إنتخاب رئيس جديد وإستمرت الحكومة التي لا يمتلك فيها “الكلمة الفصل” في عملها.
علما أن الغطاء الذي يوفره حزب الله للحريري بات يشكل “نقزة” لعون وباسيل اللذين يضربان أخماسا بأسداس من إمكانية تطور العلاقة معه أكثر فأكثر بعد تشكيل الحكومة في ظل الاحتضان الذي يوفره له الرئيس نبيه بري.
أما الحريري فهو ليس أفضل حالا، كونه أمام خيارات أحلاها مرّ، فلا هو قادر على التنازل عن صيغته الحكومية خوفا من عضب الشارع السني الذي يتهمه بالتنازلات، ولا هو قادر على الاعتذار كما أشاع مقربون منه بأنه “في 14 شباط ذكرى إستشهاد والده سيقلب الطاولة ويعتذر”، لأنه بذلك يكتب نهاية حياته السياسية، وكذلك لا يستطيع تشكيل حكومة من دون موافقة السعودية التي يسعى لخطب ودها من البوابتين المصرية والاماراتيه، كما أنه ينتظر نتائج زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون الى الرياض في منتصف شباط الجاري والتي ستكون مفصلا في تحديد وجهة ومصير الحريري..
مواضيع ذات صلة: