حريق طرابلس يساهم في تسخين الملف الحكومي!!… غسان ريفي

يبدو أن طرابلس أدت المهمة التي أوكلت إليها رغما عنها بنجاح، حيث ساهم لهيب النيران وشظايا القنابل والرصاص الحي على مدار الأيام الماضية في فتح ثغرة بالجدار السياسي أدت الى تحريك الملف الحكومي على وقع جراح المدينة التي حفرت أوجاعها في قلب الرئيس نبيه بري فأبدى تعاطفه معها قولا وفعلا، وكان له سعي مشكور في طرح مبادرة جديدة علّها تجد قبولا عند المتخاصمين على الثلث المعطل والوزارات ضاربين بعرض الحائط كل أزمات اللبنانيين.

تشير المعطيات الى أن ما حصل في طرابلس على مدار أسبوع وما نتج عنه من عنف ودم وحرق وتكسير، دفع كثيرين الى إعادة حساباتهم خوفا من التداعيات، ومنهم الفرنسيين ومن ورائهم الأوروبيين الذين يخشون في حال تفلت الأوضاع الأمنية في عاصمة الشمال أن يركب المواطنون والنازحون واللاجئون أمواج البحر الى شواطئهم، وهم ما زالوا يتذكرون  مشاهد المراكب تدخل مياههم الاقليمية، ومؤخرا كيف رمى بعض المهاجرين غير الشرعيين أولادهم في مياه البحر بعد وفاتهم جوعا وعطشا.

هذا الواقع دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى إعادة تشغيل محركات مبادرته، والاعلان عن زيارة ثالثة سيقوم بها قريبا الى لبنان بهدف تذليل العقبات من أمام تشكيل الحكومة العتيدة.

سارعت أطراف سياسية الى تلقف حماسة ماكرون، وقابلتها بإيجابية، كونها تخشى على الاستقرار في ظل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، خصوصا إذا كان الفلتان الأمني طرابلسيا كونه قابل للتمدد بنفس طائفي ومذهبي، وفي مقدمة هذه الأطراف حزب الله الذي لا يختلف إثنان على أن التوترات الأمنية لا تصب في مصلحته، لذلك فهو يريد تشكيل الحكومة، لكنه لا يريد الضغط على حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون لكي لا يثير أية حساسية سياسية.

كعادته أخذ الرئيس بري الأمور بصدره، وحرك ماكيناته باتجاه المعنيين بموافقة ضمنية من حزب الله، حيث تشير المعلومات الى أنه تواصل مع الرئيس سعد الحريري أكثر من مرة، وتوافق معه على طرح حكومي يقضي بحسب المعلومات المتداولة بأن “يتخلى عن وزارة الداخلية لمصلحة رئيس الجمهورية، وأن يتوافقا على إسمين لوزارتيّ العدل والطاقة يشكلان قاسما مشتركا بينهما”، في حين أشارت معلومات أخرى الى أن الطرح يقضي “بالتوافق على ثلاثة أسماء للداخلية والعدل والطاقة”.

وعلى قاعدة “قوم بوس تيريز” طلب عون مراجعة النائب جبران باسيل الذي إستقبل وسيطا حمل إليه الطرح لكنه قوبل بالرفض، ما دفع الرئيس بري الى التأكيد في تصريح له بأن لا يجوز لأي طرف سياسي أن يحصل على الثلث المعطل من دون أن يسمي أية جهة، وعلى قاعدة “كاد المريب أن يقول خذوني” نفى المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية تمسكه بالثلث المعطل.

وتقول مصادر سياسية مطلعة: إن عون وباسيل يشترطان لتسهيل ولادة الحكومة أن يكون هناك وعد فرنسي بالتدخل الجدي لدى الأميركيين لرفع العقوبات عن باسيل، وهذا أمر مستحيل.. أو الحصول على الثلث المعطل لكي يكون لباسيل الكلمة النافذة في كل القرارات التي تتخذها الحكومة، وهو أمر بات مرفوضا وطنيا بعدما عارضته كل التيارات السياسية.

وتضيف هذه المصادر: إن الرئيس ماكرون ينتظر ما ستسفر عنه مبادرة الرئيس بري، فإذا أثمرت عن توافق مبدئي على تسهيل عملية التأليف، عندها يأتي سريعا الى لبنان ويجمع الرئيسين عون والحريري برعايته تمهيدا لاعلان ولادة الحكومة، وإذا فشلت المساعي فإن زيارته تصبح لزوم ما لا يلزم، أو ربما تتأخر الى حين إنتاج مبادرة جديدة يقبلها عون وباسيل.

أمام هذا الواقع، وفي الوقت الذي تنتظر فيه طرابلس إعلان نتائج التحقيقات مع المندسين الموقوفين حول هويتهم وهوية من موّل وحرّض ونظم تخريبهم، فإن الخوف في المدينة كبير من إمكانية فشل مبادرة الرئيس بري، ومن أن تتطلب المبادرة المقبلة مزيدا من الدماء والخراب في الفيحاء.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal