من يُنزل الحريري وباسيل عن الشّجرة؟… عبد الكافي الصمد

ذهبت العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل بعيداً في تأزمها، إلى حدّ باتت معه ″بورصة″ هذه العلاقة المتأرجحة هذه الأيّام في اتجاه واحد هو الصعود، مؤشّراً على مآل الكثير من الملفات السّياسية العالقة، وعلى رأسها ملف تأليف الحكومة الذي ما يزال يراوح في دائرة معقدة منذ تكليف الحريري تشكيل الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي.

من تابع وراقب المواقف السّياسية والإعلامية التصعيدية وغير المسبوقة في التخاطب بين كبار المسؤولين من أهل السلطة، في الأيّام الأخيرة، لكلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون، ومعه ضمناً باسيل، والحريري، يدرك سريعاً أن الطرفين مأزومين إلى أبعد الحدود، كلّ إنطلاقاً من حساباته السّياسية ومستقبله وموقعه الداخلي وارتباطاته الخارجية.

الثنائي عون ـ باسيل بات يعاني من سلسلة أزمات سياسية لم تعد خافية على أحد، وهي تترجم نفسها في مواقفهما المتشنجة التي تعبّر عن عدم إرتياحهما لمسار الأمور، والتي يُنتظر أن تكون أكثر تشنجاً وتصعيداً في المرحلة المقبلة إذا بقيت مخارج الحلول مقفلة وخارج المتناول.

يدرك عون أنّ أيّ رئيس جمهورية، مع إستثناءات قليلة، عانى في الثلث الأخير من ولايته الكثير، وهو في هذا السّياق لا يخرج أبداً عن مسار سواه ممّن سبقوه في الرئاسة الأولى؛ فهو لا يريد إنقاذ عهده من خيبات السنوات الأربع الأولى، وتحقيق إنجاز معين ينصفه فيه التاريخ، إنّما لم يخف يوماً تطلعه إلى “توريث” صهره باسيل موقع الرئاسة، مع إدراكه أنّ هذا التوريث ليس بيده ولا بيد أيّ طرف داخلي.

أمّا باسيل، فيضاف إلى ما يعانيه رئيس الجمهورية أنّه يواجه مجموعة أزمات لا يمتلك حيالها أيّ قدرة على امتلاك الحلول لمعالجتها، وهو ما يزال ينتظر مدّ يد المساعدة إليه من أطراف، داخلية وخارجية، لم تتبرّع بعد بهذه المحاولة.

طموحات باسيل الرئاسية لم تعد خافية على أحد، وكل ما يصدر عنه من تصريحات وتلميحات وتصرفات تشير إلى ذلك، وهي طموحات باتت تتحكم في كل شيء يتعلق به سياسياً، ما جعله يربح بالمجان خصومة جميع الشخصيات السّياسية المسيحية الطامحة لمنصب الرئاسة الأولى، وزاد الأمر تعقيداً بالنسبة إليه العقوبات التي فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية، ما عزّز الإنطباع أن طموحاته الرئاسية تضاءلت جدّاً.

تشكيل الحكومة المقبلة هي إحدى أبرز العقبات التي يرى باسيل أنها تتعرضه وهو في طريقه إلى قصر بعبدا. فهو يريد إمتلاك الثلث المعطل في أي تشكيلة مقبلة تحسباً لأي فراغ مقبل في الرئاسة الأولى، وكي تكون كلمته هي العليا في حكومة العهد الأخيرة، وهو طموح يدرك باسيل أن الحريري ومعظم الطبقة السياسية لن يسمحوا له بتحقيقه والوصول إليه.

أمّا الحريري، فإنّه يعاني من صعوبات لا تقلّ عن ما يلاقيه عون وباسيل، فهو واقع تحت ضغوط خارجية هائلة تريد إبعاد حزب الله وحلفائه، وعلى رأسهم التيّار الوطني الحرّ، أيّ باسيل تحديداّ، عن المشاركة في الحكومة المقبلة، وهي مطالب تعجيزية جدّاً بالنسبة له، ولا قدرة له على تلبيتها، كما أن الإنهيار الإقتصادي الذي ضرب البلاد منذ أكثر من سنة لا يملك الحريري عصا سحرية لمعالجته، عدا عن أنه أحد أبرز المتسببين به بسبب سياساته الإقتصادية الممتدة منذ دخوله عالم السّياسة قبل 15، عدا عن تراجع هائل في شعبيته ضمن بيئته السّنّية وضعته على المحك في أكثر من محطة.

 


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal