الكل في الشارع المسيحي.. مأزوم!… غسان ريفي

ربما لم يكن أكثر المتشائمين حيال عهد الرئيس ميشال عون يتوقع أن تصل الأمور الى هذا الحد من التشرذم في الساحة المسيحية، خصوصا بعد الاتهامات التي توجه الى “الرئيس القوي” بأنه “تخلى عن صفته الجامعة، وآثر دعم تياره السياسي ضد سائر التيارات المسيحية الأخرى، وتعبيد الطريق أمام صهره جبران باسيل للوصول الى قصر بعبدا لخلافته”، الأمر الذي ضاعف من الاستفزازات التي يتخوف كثيرون من إنفجارها في الشارع بعد سلسلة من الاشارات غير المريحة وآخرها التوتر الذي حصل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في البترون.

الكل على الساحة المسيحية مأزوم، ولديه هواجس كثيرة بدأت تتحكم بسلوكه وتصرفاته مع الآخرين وتنعكس سلبا على كل صعيد.

رئيس الجمهورية الذي يتعرض لموجة عملاقة من الانتقادات على تعاطيه السياسي ومقارباته للقضايا اللبنانية، بات يسابق الوقت من أجل تحقيق إنجاز يُسجل لـ”عهده” المصنف قويا، والذي شهد ويشهد أزمات ومآس غير مسبوقة في التاريخ اللبناني، من تفكك المؤسسات الرسمية، الى ضرب هيبة القضاء، وإضعاف مصرف لبنان، الى ثورة 17 تشرين الأول، الى إرتفاع سعر الدولار الى 4300 ليرة والحبل على الجرار، الى الغلاء الفاحش وتهديد اللبنانيين بالمجاعة، الى البطالة التي تجاوزت كل الخطوط الحمر، والفقر الذي وصل الى نسب مخيفة.. كل ذلك يضع الرئيس عون الذي يكابر ويتجمل أمام تحديات ضخمة من الصعب مواجهتها في ظل النهج المتبع.

رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بات أسير الطموح الرئاسي الذي يقوده الى شن حروب إلغاء على المنافسين، والى تجيير الحكومة لتنفيذ مصالحه الشخصية، وتسخير ما أمكن من مؤسسات الدولة لخدمة أهدافه، لكن في الوقت نفسه بدأ باسيل يعاني من عزلة وطنية بفعل سلوكه السياسي العدائي تجاه كل التيارات السياسية وقواعدها الشعبية ومن كل الطوائف، مما يؤدي الى تصعيب مهمته الرئاسية، خصوصا بعد إتجاه حزب الله الى نفض يده منه بعد إحتدام الصراع بينه وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حيث يفضل الحزب أن يكون على الحياد في معركة الحليفين تجنبا للاحراج أو وضعه في خانة الداعم لطرف ضد آخر.

رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرهق بكثير من الأثقال، من طموحه للوصول الى رئاسة الجمهورية، الى الثمن الكبير الذي بدأ يدفعه بحرب الالغاء التي يشنها عليه باسيل مدعوما من العهد، ومحاولات إضعافه وتهميشه في الحكومة بالرغم من تمثيل تياره بوزيرين، ما إضطره الى التهديد أكثر من مرة بالاتسحاب منها، الى الملف القضائي الأخير الذي يضغط عليه ويربكه ويضعه في دائرة الاتهام، لكن ما يميز سليمان فرنجية هو علاقاته الجيدة مع كل المكونات السياسية على الساحة الوطنية وحضوره العابر للطوائف.

رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع المثقل بتاريخه، يعيش أزمة من التناقضات الى حدود الانفصام، فهو يعتبر نفسه من صلب 14 آذار، ويزيد في إبتعاده عن سعد الحريري ووليد جنبلاط، ويعارض عهد ميشال عون بشدة لكنه يشارك في في لقاء بعبدا الذي إقتصر على قوى 8 آذار، لكي يُظهر نفسه أمام الشارع المسيحي بأنه الحريص على مقام رئاسة الجمهورية.

منذ فترة يسجل على جعجع أنه يقول ويفعل الشيء ونقيضه، مما يدل على تخبط كبير يضاعف منه السباق المحموم بينه وبين جبران باسيل على الساحة المسيحية وصولا الى قصر بعبدا.

رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل، يصرخ في واد سحيق من دون أن يجد صدى، وهو يعاني أزمة عدم إقناع الشارع المنتفض الذي يطالبه بالاستقالة من مجلس النواب.

أما القيادات المسيحية المستقلة فتتأرجح بين موقعها السياسي وموقعها الثوري الذي إنتقلت إليه مؤخرا، لكنها تخشى من أن تفشل في الالتحاق بالثورة ومن أن تخفق في العودة الى تحالفاتها السياسية، فتخرج من المولد بلا حمص.

لا شك في أن الانتفاضة التي قام بها أركان الطائفة الأرثوذكسية مؤخرا، يؤكد أنها تواجه أزمة وجود، بعدما تمت مصادرة العديد من مواقعها في الادارة اللبنانية، وصولا الى محاولة فرض موظفين عليها تربطهم علاقات برئيس الحكومة أو برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وكذلك ينسحب هذا الأمر على طائفة الروم الكاثوليك التي تعاني منذ فترة من هيمنة على مواقعها، ما يجعل الساحة المسيحية برمتها أمام صراعات وتجاذبات قد لا يخفف منها، سوى وصول رئيس جمهورية رؤيوي جامع يكون على تماس مباشر مع الجميع، تكمن قوته في قدرته على إستيعاب الحالة اللبنانية بكاملها والحفاظ على التوازنات وإعطاء كل ذي حق حقه.



WhatsApp Image 2020-05-07 at 8.51.05 PM


مواضيع ذات صلة:

  1. صراع سعد وبهاء يهدد الحريرية السياسية.. ويقدم خدمة للخصوم!!… غسان ريفي

  2. ما بين بهاء وسعد.. حراك غامض وإحباط صامت!… غسان ريفي

  3. مصارفها خلف صفائح الحديد.. ماذا فعلت لكم طرابلس؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal