في لبنان.. من لم يمت بـ″الكورونا″ مات بغيره!!!… غسان ريفي

لم يكن ينقص لبنان سوى دخوله الى لائحة البلدان المصابة بفيروس كورونا، فالبلد الذي يرزح تحت عبء أزمات سياسية ومالية وإقتصادية، ويعاني من مرض إرتفاع سعر صرف الدولار الذي يحول دون تأمين الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية والاستشفائية، بدأت رحلته مع هذا الفيروس القاتل والتي لا أحد يعلم النتائج التي يمكن أن تفضي إليها.

لا شك في أن البداية في مواجهة هذا الفيروس لم تكن مشجعة، وأظهرت غيابا للوعي الرسمي، وإنعداما للجهوزية المطلوبة، بدءا من السماح للطائرة الايرانية بأن تحط في مطار بيروت رغم معرفة أنها تحمل ″الكورونا″، مرورا بعدم عزل ركابها وتركهم يتوجهون الى منازلهم من دون إخضاعهم للفحوصات للتأكد من سلامتهم وخلو أجسادهم من هذا الفيروس، وعدم إعطاء الأهمية للاستمارات التي يملأها المسافرون في الطائرات المتوجهة الى لبنان، وصولا الى عدم إتخاذ قرار سريع ومؤقت بوقف الرحلات من إيران الى لبنان وبالعكس كما فعلت سائر الدول تجاه البلدان المصابة.  

كان لافتا التناقض الواضح بين ما أدلى به وزير الصحة حمد حسن الذي حاول التقليل من شأن الاصابة والتأكيد على الجهوزية الكاملة، والتشديد على اللبنانيين بأن لا داعي للهلع، وبين واقع مستشفى رفيق الحريري الحكومي الذي كشفت فيديوهات تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الجهوزية غير كاملة وأن بعض الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة الايرانية لم يتم التعاطي الصحي معهم بجدية.

ليس خافيا على أحد أن الثقة بين اللبنانيين وبين دولتهم باتت معدومة خصوصا بعد إنطلاق ثورة 17 تشرين الأول التي طالبت باسقاط السلطة الحاكمة عن بكرة أبيها، ما يعني أن كل التطيمنات التي ساقها وزير الصحة في مؤتمره الصحافي والاجراءات التي تحدث عنها، لم تجد نفعا لدى اللبنانيين الذين “ينفخون على اللبن لأن الحليب كاويهم”، خصوصا أن تجارب التطمينات الفاشلة كثيرة معهم، فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة طلب من اللبنانيين عدم الهلع لأن الليرة بخير فوصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى ما يقارب 2500 ليرة، والمصارف أكدت بأن ودائع المواطنين بخير فتم حجزها وإذلال أصحابها يوميا للحصول على حفنة من الدولارات أو من العملة الوطنية، ووزارة الاقتصاد دعت اللبنانيين أيضا الى عدم الهلع لأن أسعار السلع ما تزال تحت المراقبة والانضباط، فتفلتت الأسعار من عقالها وإزدادت بنسبة 60 الى 70 بالمئة، فضلا عن إستعانة الحكومة بصندوق النقد الدولي الذي لا تهمه الشعوب ويتطلع الى الحلول النقدية والاقتصادية من منظار علمي فج لا يقيم وزنا لأية تداعيات إجتماعية أو إنسانية.

يمكن القول إن اللبنانيين إعتادوا على إحصاء الكوارث التي تحل عليهم، بدءا من السلطة السياسية الفاسدة المسؤولة عن الانهيار المالي والاقتصادي، مرورا بأزمات النفايات والتلوث وما ينتج عنها من أمراض سرطانية، وحوادث السير التي تفجع العائلات بشبابها، وصولا الى أزمات الفقر والبطالة والصرف التعسفي من العمل وما ينتج عنها من حالات إنتحار بلغت رقما غير مسبوق خلال الأشهر الماضية بفعل اليأس وإنعدام الأمل، وبالتالي فإن الكورونا سيضاف الى هذه الكوارث التي يتعاطى معها اللبنانيون بفكاهة وتنكيت على قاعدة أن “شر البلية ما يضحك”، خصوصا أنه في لبنان من لم يمت بالكورونا مات بغيره.


مواضيع ذات صلة:

  1. الحريري الجديد.. صديق حزب الله؟!… غسان ريفي

  2. حراك سياسي يسطو على شعارات الحراك الشعبي!… غسان ريفي

  3. الحريري يدافع ويتهم ويصالح ويساير ويهاجم.. هل أقنع اللبنانيين؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal