الحريري الجديد.. صديق حزب الله؟!… غسان ريفي

بعد إستقالته من الحكومة، ونعيه التسوية الرئاسية التي أصبحت في ذمة التاريخ، يسعى الرئيس سعد الحريري الى الظهور بـ “لوك سياسي” جديد، يستعيد من خلاله الشعبية التي فقدها في السنوات الثلاث الماضية التي كان فيها شريكا في المنظومة السياسية الحاكمة على حساب تياره وشارعه والشعارات التي لطالما نادى بها.

في الذكرى الـ 15 لاستشهاد والده، قدم سعد الحريري جردة حساب سياسية حاول من خلالها تبرئة الحقبة الحريرية، وتبعها بالكشف عن توجهات المرحلة المقبلة التي تتلخص بعناوين عدة، أبرزها: الهجوم العنيف على التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، الوقوف على خاطر رئيس الجمهورية بانتظار ردة فعله على إستهداف (صهر العهد ورئيس الظل)، مهادنة حزب الله، والانصراف الى الاهتمام بتيار المستقبل الذي أهمله الحريري بشكل غير مسبوق فتحول الى “بيت بمنازل كثيرة” يتحكم فيها النفوذ العائلي بمعزل عن الهيكلية التنظيمية التي نتجت عن المؤتمر الثاني العام.

بدا واضحا أن الحريري يحرص على إستمرار العلاقة الجيدة مع الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله الذي بات الرجل مرشحه الدائم والأفضل لرئاسة الحكومة، لذلك لاحظ كثيرون أن زعيم المستقبل عمل على تحييد الحزب عن أي هجوم، كما لم يحمّله أي مسؤولية عما آلت إليه أوضاع البلد، ولم يأت على ذكر السلاح الذي كان ملازما لكل خطاباته، والأهم من كل ذلك، هو عدم التطرق الى المحكمة الدولية والى قتلة الرئيس رفيق الحريري بالرغم من أن الذكرى كانت تحتم عليه أن يتناول هذا الأمر ولو عرضا، لكن الحريري تجاوزه عن قصد، وركز كامل هجومه على التيار الوطني الحر ورئيسه، فيما أكد التحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وفتح نوافذ المصالحة مع القوات اللبنانية.

لا شك في أن إستقالة الحريري من الحكومة بدون التنسيق مع أحد، قد أزعجت حزب الله الذي كان يتمسك ببقاء زعيم المستقبل على رأس السلطة التنفيذية، لكن ذلك لم يقطع التواصل بين الطرفين، حيث إستمرت الاتصالات بينهما، وهي كانت أكثر نشاطا من إتصالات الحريري مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري في الآونة الأخيرة.

واللافت أن الحريري يدرك تماما أن هجومه على التيار الوطني الحر وعلى حزب الله في الوقت نفسه، من شأنه أن يشدّ عصب جمهوره وأن يعيد بعضا من شعبيته في الشارع السني، لكنه آثر هدم التسوية من جانب التيار، والحفاظ عليها من جانب الحزب.

الايجابية التي إتسم بها الحريري في ذكرى 14 شباط تجاه حزب الله، ردها الأمين العام السيد حسن نصرالله في ذكرى الشهداء القادة، عندما حرص أيضا على تحييد الحريري ولم يذكره بالاسم ولم يوجه إليه أي نقد أو إتهام، بل على العكس فقد تمنى نصرالله لو أن الحريري لم يستقل من الحكومة، بالرغم من أن نصرالله أشار الى الفارق بين من تحمل المسؤولية وبين من تهرب منها، الأمر الذي إعتبره البعض غمزا من قناة الحريري، لكن هذا الغمز يبقى ثانويا لا يعكر صفو العلاقة بين الطرفين.

يمكن القول إن الحرب السياسية بدأت بين الحريري وباسيل ما سينعكس مزيدا من الحدة في الانتقادات بين الطرفين، في حين أن الهدنة ما تزال مستمرة بين المستقبل وحزب الله، فهل ستصمد؟، وهل يستطيع الحريري الاستمرار بايجابيته تجاه حزب الله في الوقت الذي يفتش فيه عن وسيلة يرضي بها السعودية؟، أم أن تلافي أي فتنة سنية ـ شيعية هو مطلب محلي ذو بعد إقليمي؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. حراك سياسي يسطو على شعارات الحراك الشعبي!… غسان ريفي

  2. الحريري يدافع ويتهم ويصالح ويساير ويهاجم.. هل أقنع اللبنانيين؟… غسان ريفي

  3. هل يُضحي سعد الحريري بـ″أمين عام المستقبل″ لانقاذ تياره؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal