القطاع العام.. والاستراتيجية الحريرية!… مرسال الترس

في خضم المداخلات الكثيفة والمتنوعة والمتداخلة على هامش البحث في موازنة العام 2019 نُقل عن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تأكيده أن الحكومة بصدد إعادة النظر في إنفلاش القطاع العام الذي يجب تأطيره على غرار ما هو قائم في القطاع الخاص!.

قد يكون من المفيد جداً تقليص حجم القطاع العام للمساهمة في خفض النفقات في الدولة، ولكن هل يَعتقد أهل السلطة أن حجم القطاع العام هو أساس الازمة التي تجر لبنان الى الهاوية؟ أم ان الامر يعكس استراتيجية معتمدة لدى الحريرية السياسية؟.

الكل يتذكر أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد طرح لدى تسلمه زمام رئاسة مجلس الوزراء بعد اتفاق الطائف فكرة إلغاء التثبيت في القطاع العام المعتمد منذ الاستقلال، واستبدالها بفكرة التعاقد. وبذلك تتخلص الدولة من أعباء كبيرة تتحملها، وما يليها من امتداد للمتقاعدين وما يتفرع عنهم.

وابتداء من تلك الفكرة بدأت تتقلص أدوار مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي والعديد من الادارات التي تدور في فلكها، لصالح تعيينات مصلحية وشبه عشوائية أقدم عليها الوزراء، الامر الذي أتخم دوائر عدة بما بات يُعرف بالفائض.

فهل أن معاشات الموظفين وتقاعدهم هي التي رتبت ديناً بمئة مليار دولار أم الصفقات المشبوهة والسمسرات والتلزيم بالتراضي في العديد من المشاريع. أي النهب المقونن؟.

وهل أن معاشات الموظفين وتقاعدهم هي التي هدرت اربعين مليار دولار على الكهرباء والفيول العائد لمعاملها؟.

وهل أن معاشات الموظفين وتقاعدهم هي التي تبدد مئات ملايين الدولارات على تحسين الانترنت والهاتف الخلوي اللذين ما زالا يحبوان إزاء ما يشهده العالم من قفزات نوعية في هذه المجالات؟

مختلف المراقبين الماليين والاقتصاديين يعتقدون أن التوظيف في الدولة قد حل الجزء الاكبر من الازمة الحياتية والمعيشية، والاّ كانت معظم العائلات اللبنانية، (باستثناء الاثرياء القدامى والجدد طبعاً)، قد ″شحدت الملح″!  

ويجب لفت النظر أن اعباء القطاع العام لم تكن يوماً مشكلة لدى الدولة التي بقيت بدون أية ديون عليها حتى مطلع الثمانينات اي لنحو خمسة عقود متتالية! فلماذا تتحول الآن الى أزمة مستعصية، لا يمكن حلها الا على حساب الموظفين؟ فيما التغاضي قائم عن الكثير من المصادر المهمة لتمويل الخزينة ولعل ابرزها الاملاك البحرية والنهرية التي يعرف الجميع من يستفيد منها، وعدم إخضاع اصحاب الثروات القديمة والمستحدثة لمستوى معين من الضرائب، ومعظم المسؤولين عاشوا ويعيشون في الخارج ويعرفون كم تدفع هذه القطاعات لحكوماتها؟.

وفق اراء الخبراء قد تكون هذه الاستراتيجية صالحة في بلدان تحترم الانسان وشيخوخته، وتقدم له كل أسباب الراحة والرفاهية. وليس في دول لم تستطع بعد خمس وسبعين سنة على استقلالها من تأمين ضمان صحي كامل لجميع مواطنيها فقط لاغير!..


مواضيع ذات صلة:

  1. مجد لبنان.. والجنازة الآخرى؟… مرسال الترس

  2. ديكا القوات والكتائب يتصارعان في زاوية الساحة!… مرسال الترس

  3. سليمان فرنجيه.. السهل الممتنع!… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal