قصيدة اليوم.. “رميتُ عمري إلى الأمواج” شعر دكتور جميل الدويهي

في مبادرة لإدارة جريدة ″سفير الشمال″ اللبنانية بالتعاون مع مكتبها في سيدني أوستراليا تنشر يومياً قصيدة لأحد شعراء الإغتراب في أوستراليا، وذلك للمساهمة في نشرها لقرأئها المنتشرين حول العالم..

“رميتُ عمري إلى الأمواج”
شعر دكتور جميل الدويهي

كتبتُ عنكِ، فخانتْني كتاباتي

وضاعَ منّي بَريدي في المتاهاتِ

أقيسُ بالشبر أيّامي، فقد كبرتْ

وما خرجتُ أنا من قعْر خيباتي

عندي شعورُ القناديلِ التي انطفأتْ

ولي جروحٌ على عشب المسافات…

وكم أحِنّ إلى زيتون قريتنا

ونكهةِ البُنّ في تلك المساءات!…

طفولتي لم تزل تجري، فألحقُها

فكم ركبتُ خُيولاً من خيالاتي!

وشتلةُ الورد أسقيها، فتضحك لي

وتسكب العطرَ في مجرى مساماتي…

ولا يزال هنا… العصفورُ يسألُني:

متى الرجوعُ إلى قمحِ الصباحات؟

ما قلتُ إنّي غريبٌ، ساكنٌ قَفصًا

ولا أرى الشمس في أرض الخرافاتِ…

ولو أبوحُ بأسراري، يخاصمُني

وقد يطيرُ بعيداً من عذاباتي…

أمشي وتمشي معي الذكرى، فأمنعُها

ولو تغيبُ، تراءت فوقَ مرآتي…

وكم كذبتُ على نفسي، وما علمتْ!

وكم فشلتُ بأدوار البطولات!

هل يخْبرُ البحرُ عنّي، أين ودّعني؟

وكيف ألقيتُ في المجهول مرْساتي؟

وكيف أوجدت خلف الغيم لي وطناً

أضيعُ فيه بأرجاءٍ، وغاباتِ؟!

يا صوتَ فيروزَ، أرجعْني إلى وطَني

حيث الحقولُ تنادي للفراشاتِ

وحيث راقصتُ من أحببتُها، ورمتْ

عليّ شالاً رقيقاً في العَشيّات

وقبّلتْني وراء البيت، فانفلتتْ

لآلئُ العقدِ حبّاتٍ وحبّاتِ…

وخصرُها من رخامٍ، قلتُ حين مشتْ:

لعلّه تحْفةٌ من صُنع نحّات!…

يا ليتَني كنتُ تفّاحاً على يدها

وما انتهتْ بيننا أغلى الحكاياتِ…

رميتُ عمري إلى الأمواجِ، فانكسرت

سفينتي، واكتشفتُ الموتَ في ذاتي.



Related Posts


Post Author: SafirAlChamal