الحريري وأزمة الحكومة: ″إعتكاف″ لا استقالة… عبد الكافي الصمد

قبل نحو أسبوع، أدلى النائب السابق مصطفى علوش بموقف لافت، عندما أعلن لأول مرّة على لسان مقرب من قيادة تيار المستقبل، أنه لا يستبعد أن ″يعتكف الرئيس سعد الحريري أو أن يُقدّم إستقالته، لأن الأمر لا يمكن أن يبقى على هذا الحال″.

لكن علوش عاد أمس ليسقط خيار الإستقالة، عندما قال في تصريح له أنه ″لم نشعر حتى الآن أن هناك توجهاً لدى رئيس الحكومة سعد الحريري بالإستقالة، لأنه لا يمكن لملمة تداعيات هذه الإستقالة بسهولة″.

هذا التحوّل في موقف علوش، وهو لا يتحدث هنا باسمه ويبدي موقفاً شخصياً، بقدر ما يُعبّر عن مواقف وآراء قيادة القلعة الزرقاء، ومقاربة هذه القيادة للأزمة الحكومية التي تسببت بعدم عقد أي جلسة لمجلس الوزراء منذ قرابة شهر، بسبب التضارب السياسي الشديد حول كيفية إيجاد مخرج لتداعيات إشكال بلدة قبرشمون في عالية، الذي وقع بين مناصري ركني الطائفة الدرزية، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديمقراطي النائب الحالي طلال إرسلان وأدى لسقوط قتلى وجرحى.

الحديث عن إمكانية إستقالة الحريري نفتها أيضاً أوساط مقربة منه، عندما أكدت لأكثر من وسيلة إعلامية أنه لا أساس من الصحة لأي كلام عن الإستقالة، ولدى سؤالها عن احتمال إعتكافه إذا بقيت الأزمة تراوح مكانها، لم تستبعد أوساط الحريري ذلك، لكنها أوضحت في مقابل ذلك أنه في حال اعتكافه لن يغادر السرايا الحكومي الكبير، بل سيبقى فيه وسيزاول مهامه كالمعتاد، وأن الكرة سيرميها عند الآخرين لأن العقدة ليست عنده.

هذا الشكل الجديد من أشكال الإعتكاف الحكومي الذي أقدم عليه الحريري، ولم يسبقه إليه اي رئيس حكومة من قبل، يعود إلى أن زعيم التيّار الأزرق يعرف أنه حتى الآن لا بديل له في موقع رئاسة الحكومة أو في زعامة الطائفة السّنية، وأن الإستقالة ستجعله يخسر إمتيازات سياسية ومالية، وموقعاً رسمياً هو اليوم بأمسّ الحاجة إليه، وستؤدي أيضاً إلى تراجعه سياسياً وشعبياً، كما أن خروجه من السرايا الحكومي اليوم ستجعله يخسر كذلك فرص العودة إليها في وقت قريب.

فمنذ أزمة الحريري في السعودية، مالياً بعد إفلاس شركة سعودي أوجيه، واحتجازه فيها 14 يوماً أجبر خلالها على تقديم إستقالته قبل عودته عنها إثر خروجه من المملكة إلى باريس ومن ثم إلى بيروت، يدرك الحريري جيداً أن موقع رئاسة الحكومة هو ملاذه الأخير، وبالتالي فإنه لن يُقدم على الإستقالة، ولن يذهب في اعتكافه حتى النهاية، بل سيحاول بشتى السبل تدوير الزوايا والتواصل مع كل الفرقاء، كي لا يستقيل أكثر من ثلث الحكومة ما يجعلها مستقيلة، ساعياً بكل جهده عدم تجرّع كأس إستقالة حكومته مرّة ثانية كما حصل عام 2011.   


مواضيع ذات صلة:

  1. أزمة النفايات الشمالية تزداد تعقيداً والحلول غائبة… عبد الكافي الصمد

  2.  مأزق الحكومة يزداد تعقيداً.. وخيارات الحريري ضيقة… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري في الفوّار: تناقض وإرباك واستشعار بالخطر… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal