مأزق الحكومة يزداد تعقيداً.. وخيارات الحريري ضيقة… عبد الكافي الصمد

لا يبدو أن مجلس الوزراء الذي انقطع عن الإجتماع منذ أحداث بلدة قبرشمون التي وقعت في 30 حزيران الماضي، سيجتمع قريباً، بسبب “الألغام” السياسية التي تعترض طريقه وتهدد الحكومة بالإنفجار من الداخل، وتطاير شظايا هذا الإنفجار في كل حدب وصوب.

وبرغم إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري، مؤخراً، بأنه سيدعو إلى عقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء، رجّح مقربون منه أن تكون غداً، إلا أن إحتمال التئام الحكومة لا يبدو قريباً، خصوصاً أن مواقف الحريري جاءت على لسان مصادره ومقربين منه، وليس منه شخصياً، وهي مواقف تزامنت مع موقف لافت للنائب السابق مصطفى علوش، أول من أمس، عندما أعلن بوضوح ولأول مرة أنه لا يستبعد أن ″يعتكف الرئيس سعد الحريري أو أن يُقدّم إستقالته، لأن الأمر لا يمكن أن يبقى على هذا الحال″.

تصريح علوش يعتبر الأول الذي يدلي فيه مقربين من الحريري ويكشفون فيه نيّته التوجّه لاتخاذ خطوة سياسية ومصيرية من هذا النوع، برغم إدراك الحريري وكثيرين سواه، من الحلفاء والمقربين والخصوم على حدّ سواء، أن اتخاذه أحد هذين القرارين يعني أن المساعي بهدف إيجاد حلول للقضايا العالقة (قضية قبرشمون على رأسها) قد وصلت إلى حائط مسدود، وأن البلد قد دخل في المجهول، بعدما لم تجد المحاولات لتدوير الزوايا طريقها إلى الحلّ، وفق قول علوش.

وليس خافياً أن الكباش والتباين الكبير في وجهات النظر بين القوى السياسية حول حادثة قبرشمون، هي التي جعلت مجلس الوزراء غير قادر على الإجتماع منذ 24 يوماً، بسبب إشتراط جهات معينة إحالة الحادثة على المجلس العدلي (الوزير جبران باسيل والنائب طلال إرسلان)، ورفض آخرين ذلك، وتحديداً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ما أصاب الحكومة، ومعها البلد، بالشلل على أكثر من صعيد، وهو شلل يتوقع له أن يتفاقم أكثر مستقبلاً بعدما أحيلت القضية إلى المحكمة العسكرية، ما اعتبر مراضاة لجنبلاط، وهو ما رفضه إرسلان بشدّة،  الذي سأل: هل تريدون أن تدفعوا بالدروز إلى لعبة الثأر وإغراق الجبل في فتنة دموية لا يعرف أحد نتائجها؟.

هذه التعقديات التي رافقت وأعقبت حادثة قبرشمون وقف حيالها الحريري مكتوف اليدين، نتيجة التشنج السّياسي الواسع، تجعل الخيارات السّياسية المتاحة أمامه ضئيلة جداً، وأحلاها مرّ.

فبقاء أزمة الحكومة على حالها لجهة عدم قدرتها على الإجتماع، تعني عجز الحريري والطبقة السياسية على تجاوز العقبات ومعالجة قضايا البلاد الملحة، ولكن الحريري بما يمثل من موقع ودور سيكون الخاسر الأكبر، وسترتد تبعات شلّ الحكومة على رصيده السّياسي والشعبي الذي بدأ يتآكل.

أما تلويح الحريري، على لسان علوش بالإعتكاف، فيعني أن السّاحة اللبنانية قد دخلت مرحلة من التشنّج والتعقيدات لن يكون حلّها سهلاً، وستجعل الإنقسامات السّياسية أكثر حدّة، بما يفتح الباب أمام فراغ سياسي من نوع آخر، وتدهور الوضع الإقتصادي أكثر، وتزايد المخاوف من إنفلات أمني قد يكون متنقلاً، بشكل يحتمل أن لا تبقى أي  منطقة لبنانية بمنأى عنه.

يبقى خيار الإستقالة الأشد مرارة على الحريري والأكثر تأثيراً على وضعه السّياسي مستقبلاً، لأن إقدامه على هكذا خطوة يعني أن كل أبواب التسوية والخروج من الأزمة قد سُدّت، كما يعني أن الحريري أقدم على خطوة ستكلفه غالياً في السّياسة وفي تأمين مصالحه الإقتصادية نظراً لما يؤمّنه موقع رئاسة الحكومة من حصانة، ولأنه يعرف أن خروجه من السراي الحكومي، أو إخراجه منها، قد يجعل عودته إليها مرّة ثانية صعبة وبعيدة جداً.


مواضيع ذات صلة:

  1. إعتصام حاشد رفضاً لمطمر ″متعهد الجمهورية″ في الفوّار: الشّارع يواجه السلطة… عبد الكافي الصمد

  2. جهاد العرب وراء ″سرّ″ مكب نفايات الفوّار؟…عبد الكافي الصمد 

  3. هل أنهى تفقد وزير البيئة موقع الفوّار أزمة النّفايات الشّمالية؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal