التحرّش الالكتروني.. متى يتحرك القضاء؟… سمية موسى

″سُجنتُ، وظُلمتُ ولم يشفع لي أحد تحت شعار العفة والشرف!.. طلبت المساعدة من أقربائي يوم تعرّض لي أحدهم.. فاتهموني بالعري والفحشاء وانا من قريتي لم أخرج يوما″.

بهذه الكلمات بدأت إحدى الفتيات حديثها وهي ابنة محافظة عكار، ولم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، حيث تعيش حياة بسيطة بين المنزل والمعهد الى أن حدث شيء أدى الى تغيير مجرى حياتها من دون أن ترتكب أي ذنب!..

تروي الفتاة (رفضت ذكر إسمها حرصا عليها وعلى عائلتها): تلقيت مراسلة عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي من أحد الاشخاص تحتوي على عبارات غير أخلاقيه وصور إباحية، فقمت بحظره فوراً. لكنه قام بإنشاء حساب جديد وإستمر بمضايقتي وهددني بأن الصور الاباحية التي أرسلها، سيحولها في المرة الماضية عبر تقنية الفوتوشوب الى صور خاصة بي ومن ثم سيقوم بتوزيعها لكي تعم الفضحية، وذلك في حال لم أنفذ رغباته الدنيئة، وعندما قررت أن أخبر والدتي بالأمر علم أخي، وهنا وقعت “المصيبة”، وقام بتعنيفي وضربي، وبدأ بالتفتيش عن الشخص المجهول للانتقام منه.

“سجنني أخي بالغرفة ولم يسمح لي بالخروج منها، وبعد ثلاثة أيام تدخلت والدتي وهنا قررنا كعائلة إبلاغ القوى الأمنية (جرائم المعلوماتية) التي كشفت الفاعل وتم توقيفه.

أما سمر، إبنة مدينة حلبا وتعمل ناشطة إجتماعية فهي تعتمد على نفسها، وتؤمن باستقلالية المرأة وقدراتها وكيانها المستقل، تروي قصتها، وتقول: “عملي عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعرضني للكثير من المضايقات، التي أتعامل معها بكل ثبات وثقة بالنفس من دون أي خوف، ومع تكرار الرسائل المشبوهة من قبل أحد الأشخاص قمت بنسخ المحادثة ونشرها على صفحتي وعلى مواقع التواصل وأرفقتها بهاشتاغ #إفضح_متحرش.

دعمني أصدقائي، وأهلي في هذه الخطوة وكانت ولادة لفكرة أعمق تهدف الى نشر الوعي عبر تنظيم حملة أكبر على مستوى الشمال، وجاءت التعليقات إيجابية للغاية حيث أثنى كثيرون على جرأتي وقوتي في مواجهة هذا التحرش والابتزاز”.

في بلد الذكورية، والفلتان الأخلاقي الذي يعد من سيئات الحداثة وعالم الانترنت، ليس سهلاً على فتاة أن تصرح بما تتعرض له، فهي مشكلة كبيرة لا يتقبلها المجتمع بسهولة، ما يعرض المرأة للتعنيف وأحياناً للقتل.

ويعدّ السجل القانوني حافلا بجرائم الشرف في لبنان، حيث يتم تحميل الفتاة المسؤولية عبر التذرع بعدة أسباب منها، اللباس، أو خروجها للعمل وتبادل الحديث مع الآخرين…

يقول مطلعون على أجواء الفضاء الالكتروني: إن الجرائم الالكترونية تزداد يوميا، بفعل دخول وسائل التواصل الى كل منزل، ولم تعد حكرا على أبناء المدينة، بل هو خطر يتهدد المجتمع بكل فئاته، وإن كانت النساء الأكثر عرضة للتعنيف بفعل النظرة الذكورية السائدة في المجتمع.

وبالرغم من أن البرلمان اللبناني أقر للمرة الأولى منذ عامين، قانونا تحت رقم 205/2020 يعاقب مرتكبي حالات التحرش الجنسي، وينص على مواد قانونية من شأنها حماية المعتدى عليه أو عليها، الا أنه لم يصر الى تطبيقه بعد، إذ رُفعت قضية أمام المحاكم اللبنانية بموجب هذا القانون، لكن الحكم فيها لم يصدر حتى الآن!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal