فرنجية على الطريق نحو قصر بعبدا!… عبدالكافي الصمد

أكثر من إشارة صدرت في الأيّام القليلة الماضية أعطت إنطباعاً أنّ عهد الجدّ في تسمية ودعم الوزير سليمان فرنجية قد بدأت عملياً، وأنّ مرحلة إعلان حلفائه الوقوف خلفه قد انطلقت، وأنّ اختبار التصويت بورقة بيضاء في جلسات مجلس النوّاب التي تعقد أسبوعياً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ليس إلّا سعياً مدروساً بدقة وعناية فائقتين من أجل عدم إحراق إسم الزعيم الزغرتاوي، وحماية ترشيحه.

أولى هذه الإشارات كانت في الكلمة التي ألقاها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، يوم السّبت في 11 تشرين الثاني الجاري، عندما حدّد سقفاً ورسم إطاراً لمواصفات الرئيس المقبل للجمهورية، وهي رئيس يطمئن المقاومة ولا يطعنها في الظّهر، شجاعٌ ولا يخاف، يُقدّم المصلحة الوطنية على خوفه، ولا يُباع ولا يُشترى، وهي مواصفات ليس خافياً على أحد أنّها تنطبق على فرنجية أكثر من أيّ مرشّح آخر، إلى حدّ ذهب معه مراقبون إلى أنّ نصر الله لم يكن ينقص كلمته إلّا الإعلان الصريح، بعد التلميح، بأنّ فرنجية هو مرشّح الحزب وحلفائه للرئاسة الأولى، بانتظار إنتزاع موافقة رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل على السير بترشيح فرنجية، كما سار الأخير بتأييد عون قبل زهاء 6 سنوات.

فحزب الله يتعامل مع رئيس تيّار المردة ليس على أنّه حليف ثابت وصادق معه، إنّما أيضاً على أنّ لديه عليه دين في رقبته ينبغي تسديده. فبعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق للجمهورية ميشال سليمان تبنّى الرئيس سعد الحريري ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وأيّده في ذلك كثيرون، بشكل جعل فرنجية يمتلك فعلياً عدداً من الأصوات يكفيه للفوز، لكنّه أصرّ على أنّه لن يقبل إنتخابه إلّا بعد تصويت نوّاب حزب الله له، لكنّ إلتزام الأخير بدعم الرئيس السّابق ميشال عون أدّى إلى تراجع فرنجية عن ترشيحه منعاً لإحراج حليفه، والحفاظ على وحدة “الخطّ”، وتبني ترشيح الجنرال.

بعد ذلك بثلاثة أيّام، وتحديداً يوم أوّل من أمس الإثنين في 14 الجاري، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إشارة أخرى داعمة لفرنجية، بعدما أشار في حديث إلى قناة “الجزيرة” إلى أنّ هناك “علاقة تاريخية” تربطه بفرنجية، ومضيفاً أنّه يتمنى “أنْ يكون رئيساً للجمهورية”، بعدما أعطى مواصفات لهذا الرئيس رآها تنطبق على رئيس تيّار المردة ، أهمها “ضرورة أنْ يكون رئيس الجمهورية مقبولاً من الجميع، وألّا يكون رئيس تحدٍ لأحد”، حسب تعبيره.

موقف ميقاتي من الإستحقاق الرئاسي، وهو الأوّل له الذي يُسمّي فيه الأشياء بأسمائها بهذا الوضوح، لا ينبغي حصره به، ولا أنْ يعتبر البعض أنّ لا تاثير له كونه ليس نائباً كي يعطي صوته لفرنجية، بل لأنّ ميقاتي بموقفه هذا يعكس مزاجاً واسعاً في الشّارعين الطرابلسي والسنّي يميل باتجاه الزعيم الزغرتاوي أكثر من سواه، لأسباب عديدة، وأنّ هذا المزاج بدأ يترجم نفسه عبر مواقف نوّاب سنّة كانوا ضمن عداد كتلة تيّار المستقبل، ومستقلين.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal