منذ نحو ثلاث سنوات على بداية بوادر الأزمة المالية في لبنان والأمور تدور في حلقة مفرغة، المودعون مقتنعون انهم خسروا أموالهم ويفتشون عن ملامح حلول تسمح لهم ببعض الإطمئنان، المصارف تعتبر نفسها أنها بحلٍ من أمرها لأنها أقرضت الدولة التي تتخلف عن السداد، ولن تعترف بأنها مذنبة لأنها دفعت فوائد مرتفعة وعلى المصارف تحمّل جزء من الخسائر. أما مصرف لبنان الذي آدار اللعبة بنوع من الاستهتار إذ أنه دأب لسنوات يطمئن اللبنانيين بأن الليرة بالف خير، ويقوم بهندسات أقل ما يقال فيها أنها ملتبسة، وإذ بتلك الليرة تنهار بين ليلة وضحاها وتُدخل اللبنانيين في نفق لا يدركون نهاية له. حتى جاء البنك الدولي وصندوق النقد يضعان ما طاب لهما من شروط لمد يد المساعدة، ومن ضمن هذه الشروط “الكابيتال كونترول” الذي كان يجب أن يتحقق قبل بداية الأزمة وتهريب الأموال كما يقول الخبراء والمختصون.
فهل الكابيتال كونترول هو الحل وهل سيتم من خلاله التضحية بجزء كبير من أموال المودعين؟
أسئلة كثيرة ومتشعبة شغلت اللبنانيين في الاسابيع الأخيرة وصولاً إلى يوم الاربعاء الفائت حين تقاعست اللجان المشتركة عن تأمين النصاب فيما كانت مجموعات من المودعين بالمرصاد لبعص “أصحاب السعادة” فركلوا سياراتهم التي تحمل ارقاماً زرقاء ولطموها بقبضاتهم، في حين راح بعض النواب يشككون علناً بالنوايا والخطط التي ترسمها الحكومة.
فرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان سأل: “كيف يمكن طرح تجميد ودائع لا نعرف ماذا بقي منها؟ فللناس حقوق يجب المحافظة عليها؟
أما رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان فاعتبر أن أيّ كلام عن حماية المودعين غير صحيح، مطالبا بخطة تحدّد المسؤوليات أولا، ومن ثمّ يتم البحث في الكابيتول كونترول وأي بحث خارج مسار تحديد المسؤوليات وتوزيع الخسائر يعني إدخال البلد في المجهول!وأيضاً وأيضاً النائبان الآن عون وحسن فضالله!
هذا الكلام دعا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إلى تصويب البوصلة عبر الدعوة إلى عدم إطلاق التصريحات الشعبوية مؤكداً على تخطيط الحكومة لحماية حقوق المودعين.
وإزاء ما يحصل بين مسؤولين في دولة لم يبق فيها الاّ القليل القليل من الهيبة. تزاحمت علامات الاستفهام أمام أصحاب الحقوق وأبرزها التالي:هل سيتم فعلاً إعادة الأموال لصغار المودعين الذين هم الحلقة الأضعف ومتى وباية طريقة؟
وماذا عن كبار المودعين؟.
وبانتظار تبيان ألوان الخيوط وعودة جزء من الثقة في دولة باتت تتغنى بماضٍ غابر، سيبقى المواطنون متأرجحين ومعلقين في “حبال الهواء” التي لا يدري أحد في اية لحظة ستنقطع!