علامات استفهام كثيرة ترتسم لدى المتخصصين بالشأن الإجتماعي في لبنان لجهة التناقض الفاضح في الممارسات اليومية والموسمية، حتى ليخال للمتابعين أن هناك إنفصاماً واضحاً في الشخصية الحقيقية لمعظم اللبنانيين!
فبالأمس كانت ذكرى المولد النبوي الشريف وقبلها ذكرى عاشوراء، وقريباً سيحل عيد الميلاد المجيد ويليه عيد رأس السنة الميلادية، ولاحقاً عيد الفصح لدى الطوائف الكاثوليكية والأرثوذكسية وبعده شهر رمضان المبارك وعيد الفطر السعيد ومن ثم عيد الأضحى المبارك، إنها مواعيد مباركة لدى جميع المواطنين. وإذا جمعنا ما يتم تداوله من مراسلات قديمة وحديثة فسنجد أمامناً أطناناً من الكلام المعسول والتهاني والتمنيات التي لم تلبث أن تطوى عند أي منعطف سياسي أو اجتماعي بسيط لا يناسب هذا الشخص أو ذاك، ليتحول نفس الأشخاص الذين صدرت عنهم تلك التهاني والتمنيات إلى حقد لا يمكن أن نجده بين داحس والغبراء، وإلى كلام خارج عن المألوف لا يمكن ان نسمعه حتى في أسواق الدعارة! فهل هذا ما تربى عليه اللبنانيون؟ وهل هذا ما كانت تتوق العائلات إلى أن تسمعه من أبنائها الذين بذلت من اجلهم جنى اعمارها من أجل تلقينهم العلم وتزويدهم بالتربية الصحيحة التي نَصحت بها الأديان السماوية؟
وهل كان آباؤنا واجدادنا الذين ضحوا بالغالي والنفيس وحتى بأرواحهم في كثير من الظروف من أجل الوطن، أن يشاهدوا سياسيين ومسؤولين يستخدمون طراوة الكلام في العلن ولكنهم يعملون على تدمير روحية ما بناه من سبقهم عبر فسادهم وتعاطيهم بخفة مع القضايا الوطنية، ويتحوّل جُلّ همهم لتوجيه الإتهامات إلى بعضهم البعض وبطرق سوقية وبعبارات يخجل سفهاء القوم أن يستخدموها. ولكن الملفت والمخزي أن ذاك الكلام يصدر عن أشخاص يحملون رتبة نائب أو نائب سابق او وزير أو وزير سابق وما يتصل بذلك. فماذا تركتم لأولادكم ومحازبيكم وانصاركم من أرث وأي مستوى أخلاقي سيتعاطون به؟
بدون ريب أن ما يظهر من “مآثر” معظم اللبنانيين في تعاطيهم مع بعضهم البعض يثبت بوضوح أنهم ليسوا جديرين بمواكبة تطورات العصر ولاسيما التحديثات التكنولوجية التي حوّلت كوكب الأرض بمجمله إلى حارة صغيرة يتبادل فيها ضعاف العقول التنمر والحسد والتهكم وتبادل الشتائم … بدل تسخير هذه النقلة النوعية في التواصل الإجتماعي لبلورة قدراتهم الإنسانية التي سعت الأديان السماوية لسموها عن طريق الدعوات إلى الحب والاحترام ونبذ الأحقاد! فيا ليتنا لم نشهد الفايسبوك والواتساب والتويتر والانستغرام وما يتصل بهم… وما زلنا نتبادل حواراتنا عبر الرسائل التي تأخذ أشهراً لتصل، ولم “نتطور” إلى الأسوأ!
Related Posts