سابقة في تشكيل الحكومات.. التناقضات تعطّل إصدار المراسيم!.. غسان ريفي

كثيرة هي السلبيات التي نتجت عن فشل إجتماع الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام في إعلان مراسيم تشكيل حكومة العهد الأولى، خصوصا أن هذا الفشل شكل سابقة في الحياة السياسية اللبنانية، حيث للمرة الأولى في تاريخ تشكيل الحكومات يجتمع الرؤساء ويتم إستدعاء أمين عام مجلس الوزراء لإعلان التشكيلة الحكومية ثم ينتهي الأمر إلى سلبية مطلقة وإحباط أرخى بثقله على اللبنانيين.

ما حصل أمس أدى بشكل أو بآخر إلى إهتزاز صورة العهد، وأظهر إرتجالا من الرئيس المكلف نواف سلام الذي قصد قصر بعبدا من دون ان تكون تشكيلته جاهزة، وهو أراد أن يحرج الرئيس نبيه بري ويضعه تحت الأمر الواقع في إسم الوزير الشيعي الخامس، لكن رئيس المجلس إنتفض ضد محاولات سلام ورفض الإسم الذي طرحه وهو د. لميا مبيض، في حين رفض سلام الاسم الذي طرحه بري وهو القاضي عبد الرضى ناصر.

يصح بالرئيس سلام الحديث الشريف القائل: “من إستعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه”، خصوصا أن ما أقدم عليه من إستعجال أوقعه بكثير من التناقضات، إن لجهة رفضه مبدأ المحاصصة التي تجسدت بإعطاء التيارات السياسية حصصا وزارية بمعدل وزير لكل خمسة نواب أو أربعة نواب، من الثنائي الشيعي إلى القوات اللبنانية إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، أو لجهة وحدة المعايير التي ضربها سلام بإقصاء التيار الوطني الحر الذي لا يقل تمثيلا عن القوات اللبنانية، وكذلك الكتل النيابية السنية التي تجاهل مطالبها وإستفزها الى أن أعلن بعضها الثورة عليه ودعوته إلى الإعتذار، أو في التأكيد على تشكيل حكومة إصلاحية، هي كما تم تسريب أسمائها نسخة طبق الأصل عن سابقاتها مع بعض مستحضرات تجميل لم تخف حقيقتها.

تعاطى سلام مع الكتل النيابية بسياسة الكيل بمكيالين، ما قد ينعكس سلبا على حكومته وعلى إنطلاقة العهد الذي يطمح الرئيس عون إلى أن تكون متوازنة وجامعة لتحقيق الأهداف التي وضعها وضمنها خطاب القسم.

وبحسب المعلومات، فإن فشل الإعلان عن مراسيم تشكيل الحكومة يوم أمس لم يكن فقط بسبب الخلاف على إسم الوزير الشيعي الخامس، وإنما بسبب السلوك الذي إعتمده سلام والذي شكل سابقة في إقصاء تيارات وكتل نيابية تعتبر من المكونات الأساسية للبنان.

وما زاد الطين بلة، إسناده وزارة الخارجية والمغتربين إلى القوات اللبنانية وهو أمر أثار حفيظة كثيرين لأسباب عدة أبرزها موقفها المعادي للمقاومة وإمكانية ترجمته على لسان وزيرها في المحافل الدولية وتداعيات ذلك على الداخل اللبناني، وإمكانية إستخدام هذه الوزارة من قبل القوات والاستفادة منها في الانتخابات النيابية المقبلة على صعيد التواصل مع المغتربين، إضافة إلى الاشتباك السياسي القائم على وزارة الصناعة بين القوات والثنائي الشيعي وتيار المردة الذي أسند سلام إليه وزارة الإعلام من دون التواصل معه، فضلا عن وزارة الشباب والرياضة التي فرضها على حزب الطاشناق.

كل ذلك يشير بحسب متابعين إلى أن سلام حاول وما يزال إحراج بعض التيارات السياسية لإخراجها من الحكومة والاستئثار بحصة الأسد فيها، لكن الرئيس بري قطع الطريق على الرئيس المكلف، حيث أشارت مصادر أمس إلى أن سلام أرسل إسما جديدا إلى بري الذي طلب مساحة من الوقت للرد.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal