ترتفع وتيرة الاستفزازات الاسرائيلية للبنانيين بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ والبدء بتطبيق التفاهم المتوافق عليه بين لبنان وأميركا والذي لا يتضمن أي إنتهاك للسيادة، ولا يعطي إسرائيل الحق بحرية العمل ضد أي من الأهداف، بل يفترض أن تقدم الشكاوى في حال وجودها الى لجنة المراقبة لإحالتها الى الجيش الذي يفترض أن يبادر الى معالجة كل الإشكالات.
ما تقوم به إسرائيل منذ صباح الثلاثاء الفائت، يضرب كل بنود الاتفاق بعرض الحائط، خصوصا أنها بدأت بتحديد الأماكن التي تشكل خطرا عليها وتعمل على قصفها، وتطلق النار على المواطنين وتعتقل وتقتل وتجرف الأراضي وتقطع الأشجار من دون حسيب ولا رقيب، وذلك في عدوان يشكل خرقا فاضحا للقرار 1701 الذي يفترض أن يلتزم به الطرفان الاسرائيلي واللبناني.
ما يزال لبنان ملتزما بتطبيق القرار 1701، من دون أن يرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على مدار الساعة، حيث يبقى الأمر متروكا للجيش الذي يتواصل مع القنوات الدولية المعنية لتقديم الشكاوى ضد العدو الاسرائيلي.
ويبدو واضحا أن العدو يحاول الاستفادة من مهلة الستين يوما، لتصفية حساباته مع أبناء القرى الأمامية ومقاوميها، حيث دخل الى بعض البلدات التي لم يستطع دخولها خلال الحرب بفعل التصدي البطولي للمقاومين وعاث فيها فسادا، مانعا أهلها من الاقتراب منها بإطلاق النار تجاههم.
لا شك في أن العدو الاسرائيلي يسعى جاهدا لكسر صورة الانتصار التي رسمتها عودة الأهالي الى قراهم رافعين شارات النصر ورايات المقاومة، في وقت ما تزال فيه مستوطناته التي خاض الحرب لإعادة سكانها إليها خارجة عن الخدمة وتعاني الشلل الكامل، بفعل عدم ثقة المستوطنين بالاتفاق ولا برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وخوفهم من المقاومة، الأمر الذي يدفع العدو الى إرتكاب المزيد من الحماقات في محاولة منه لتطمين المجتمع الاسرائيلي لواقع المنطقة وللايحاء بأنه يستطيع التحرك فيها بحرية.
لا يحق للعدو الاسرائيلي حرية العمل في أي منطقة وفقا للتفاهم الذي وافق عليه لبنان، ويُفترض به أن ينسحب من كل الأراضي التي إحتلها حاضرا وماضيا، لكن المستغرب جدا، هو وجود ضمانات أميركية حقيقية تغطي هذه الاعتداءات والخروقات، وتسمح للعدو بإرتكابها، ما يعني توافقا أميركيا إسرائيليا بمعزل عن لبنان يسمح للعدو بكثير من الخروقات، الأمر الذي سيعرض تفاهم وقف إطلاق النار لكثير من المطبات التي يمكن أن تؤدي الى إنهياره في حال إستمر هذا العدوان الاسرائيلي.
تشير المعلومات المتوفرة لـ”سفير الشمال” الى أن ثمة رسالة أميركية وصلت الى إسرائيل غداة إعلان التفاهم على وقف إطلاق النار برعاية الولايات المتحدة، تؤكد التعاون معها وتضمن لها حرية الحركة، وذلك لحفظ ماء وجه نتنياهو المتهم برفع الراية البيضاء.
وتتشكل هذه الرسالة من ثمانية بنود هي:
أولا: تعتزم إسرائيل والولايات المتحدة تبادل معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بالانتهاكات، بما في ذلك أي اختراق من حزب الله داخل الجيش اللبناني.
ثانيا: يحق للولايات المتحدة مشاركة المعلومات التي تقدمها إسرائيل مع أطراف ثالثة متفق عليها (الحكومة اللبنانية\ أو اللجنة) لتمكينهم من التعامل مع الانتهاكات.
ثالثا: تلتزم الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة ايران المزعزعة في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة أو أي دعم من ايران.
رابعا: تعترف الولايات المتحدة بحق إسرائيل في الرد على التهديدات القادمة من الأراضي اللبنانية وفقاً للقانون الدولي.
خامسا: في المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك في أي وقت ضد الانتهاكات للالتزامات.
سادسا: خارج المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك ضد تطور التهديدات الموجهة اليها اذا لم يستطع أو لم يرغب لبنان في احباط هذه التهديدات، بما في ذلك ادخال أسلحة غير قانونية الى لبنان عبر الحدود والعابر.
سابعا: اذا قررت إسرائيل اتخاذ مثل هذه الخطوات، ستبلغ الولايات المتحدة بذلك في كل حالة ممكنة.
ثامنا: ستنفذ الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لأغراض الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع فقط، وستكون غير مرئية للعين المجرة قدر الإمكان، ولن تكسر حاجز الصوت.
يرى مرجع سياسي، أن أميركا من خلال هذه الرسالة وضعت لبنان تحت الوصاية الأميركية، وسمحت لإسرائيل بإنتهاك سيادته، وأعطتها الحق في شن الهجمات على الأراضي اللبنانية بحجة إحباط التهديدات، وهذا من شأنه أن يجعل التفاهم على وقف إطلاق النار هشا وعرضة للإنهيار في أي لحظة.
Related Posts