تنطلق يوم غد الخميس جولة جديدة من المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة وإنجاز صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك برعاية أميركية ومشاركة إسرائيلية وحضور مصري وقطري كوسيطين مع المقاومة الفلسطينية.
لا شيء يوحي حتى الآن بأي إيجابية قد تنتج عن المفاوضات المنتظرة، فطبول الحرب ما تزال تُقرع على مدار الساعة، والعدو الاسرائيلي يُمعن في إرتكاب المجازر بحق المدنيين في غزة وكان آخرها مذبحة الفجر في مدرسة التابعين التي ذهب ضحيتها أكثر من مئة شهيد كانوا يؤدون صلاة الفجر، فيما أقدم ثلاثة آلاف مستوطن بقيادة إيتمار بن غفير أمس على إقتحام المسجد الأقصى في ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل” (على حدّ زعمهم)، ما إعتبرته الخارجية الأميركية أنه أمر غير مقبول وينتقص من فرص التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
لا شك في أن السلوك الأميركي والاسرائيلي تجاه الحرب على غزة والمفاوضات الجارية بشأنها يصل الى قمة التناقض، حيث بات واضحا أن الحزب الديمقراطي برئاسة الرئيس جو بايدن يخوض الإنتخابات الرئاسية على دماء الفلسطينيين وتتلون مواقفه بحسب مزاج الشارع الأميركي بهدف إستمالته، فضلا عن حرصه على إرضاء اللوبي الصهيوني لضمان أصواته التي يتنافس عليها مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ويظهر التناقض الأميركي في تسريب الأخبار عن إنتقاد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومكالمات ساخنة وحادة بينه وبين بايدن، ثم يتم إستقباله في الكونغرس الأميركي بالتصفيق والوقوف، ثم تعلن الولايات المتحدة عن ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وتعطل قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد وتمارس حق الفيتو، وكذلك تقول الادارة الأميركية أنها تمارس الضغط على حكومة إسرائيل لوقف حرب الابادة في غزة، ثم تفرج عن 3.5 مليار دولار للكيان وتزوده بالصواريخ الثقيلة القاتلة والمدمرة التي إستخدمتها إسرائيل في قصف مدرسة التابعين حيث وقعت مجزرة الفجر.
بالتزامن، يستمر التناقض مع نتنياهو الذي نسف في خطابه أمام الكونغرس كل مفاوضات صفقة التبادل وإنقلب على ورقة الرئيس الاميركي جو بايدن، مطالبا حماس بالاستسلام وتسليم سلاحها مع الأسرى، راسما صورة خيالية لليوم التالي في غزة بأن يدير الحكم فيها مجموعة من “العملاء” يكونوا على ود وتعاون ومحبة مع إسرائيل، ثم بعد ذلك، طلب من الوفد المفاوض الذهاب الى مصر للمشاركة في إحدى الجلسات قبل أن يختلف أعضاء الوفد معه ويعودون الى فلسطين المحتلة، وهو يستعد غدا لجولة جديدة من المفاوضات.
يُدرك نتنياهو المأزوم داخليا والمهزوم في الميدان بفشله في تحقيق أهداف حربه على غزة، أن المفاوضات ستستأنف من الورقة التي طرحت في تموز الماضي وفقا لرؤية الرئيس بايدن ووافقت عليها حماس، لكنه ما زال يعتمد مبدأ اللف والدوران محاولا نسف بنود ورقة تموز وتقديم بنود جديدة تعجيزية توحي بهزيمة حماس وتعطيه إنتصارا سياسيا، ما يضع جلسة المفاوضات في مهب الريح، خصوصا أن حماس أكدت تمسكها بورقة تموز كمدخل لأي إتفاق.
في غضون ذلك، ومع إنسداد الأفق أمام الوصول الى أي تسوية تنهي حرب الابادة الجماعية في غزة، تبدو جلسة المفاوضات غدا مجرد “ذر للرماد في العيون”، في ظل عدم جدية أميركا بوقف الحرب وعطش نتيناهو لمزيد من الدماء، وكذلك فإن زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان هي بمثابة “لزوم ما لا يلزم”، في ظل التناقض الحاصل، ولعل ما قامت به كتائب عزالدين القسام يوم أمس بقصف تل أبيب بصاروخين، دليل واضح على ما ستكون عليه الأيام المقبلة من تنامي لنشاط المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، بإنتظار الرد من قبل إيران والمقاومة الاسلامية في لبنان ليبنى على قرار الحرب الشاملة مقتضاه!..
Related Posts