تناقض صادم في مواقف الراعي.. وآخرها بدعة ثقافة الموت!.. غسان ريفي

لا ينقطع التواصل بين بكركي وحارة حريك، حيث تُعقد لقاءات دورية كل شهر أو أربعين يوما، بين موفدين من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وبين قيادات من حزب الله، وكان آخرها يوم الاثنين 22 كانون الثاني الجاري في دارة النائب فريد الخازن، وضم مستشار البطريرك الراعي وليد غياض وعضو المجلس السياسي في الحزب مصطفى الحاج علي ومسؤول الملف المسيحي الحاج أبو سعيد الخنسا.

أجواء اللقاء بحسب المعلومات كانت إيجابية حيث تم التباحث في ضرورة أن يكون الصوت المسيحي داعما لغزة وخصوصا على الصعيدين الانساني والاجتماعي كونه لا يجوز إنفصال الشعب المسيحي المشرقي عن أهله في فلسطين ولبنان، كما طُرح ملف الرئاسة وضرورة إنجاز هذا الاستحقاق، وكان تشديد على ضرورة عدم السير برئيس إستفزازي، إضافة الى إستعراض الخلافات المسيحية ـ المسيحية حول الرئاسة.

إنتهى اللقاء على كثير من الايجابية شأنه شأن اللقاءات السابقة التي شارك في بعضها المطران عبدو أبو كسم، والمطران بولس عبدالساتر كل على حده موفدا من البطريرك الراعي مع مسؤولين من الحزب حيث حيث تم عرض العديد من القضايا وكان التشديد دائما على ضرورة التمسك بالعيش المشترك والحفاظ على إستقرار البلد وسلمه الأهلي.

لا شك في أن ما جاء على لسان البطريرك الراعي في عظة الأحد لا سيما حديثه عن “الانتصارات الوهمية والهزائم المخزية، وتحويل المواطنين في الجنوب الى رهائن ودروع بشرية وكبش فداء لثقافة الموت”، لم يكن منسجما مع أجواء اللقاءات التي عقدها موفدوه مع قيادات من حزب الله وإتسمت بكثير من الإيجابية، بل جاء من خارج النص، وطرح سلسلة تساؤلات حول توقيت وأسباب هذا الكلام، خصوصا أن الراعي كان إطلع من موفديه على موقف الحزب من القرار 1701 وإستمع الى كثير من قياداته عبر الاعلام بأن لا مشكلة لديه مع تطبيق القرار خصوصا إذا ما طُبّق من الجانب الاسرائيلي ما يعني أن لبنان أمام فرصة سانحة لتحرير أراضيه المحتلة.

واللافت أن كلام البطريرك الراعي جاء منسجما مع مواقف عدد من القيادات المسيحية التي تحدثت قبل أيام بنفس اللغة حول رفض ثقافة الموت وإتهام المقاومة بأخذ لبنان رهينة، ما يشير الى توجه أو توجيه لدى فريق من اللبنانيين لاستهداف المقاومة في أصعب وأخطر ظرف تواجهه وهو التصدي للعدوان الاسرائيلي المستمر على جنوب لبنان وتعزيز قوة الردع وتوازن الرعب لحماية البلاد من قيام العدو بأي حماقة تؤدي الى توسيع إطار الحرب.

وجاء موقف البطريرك الراعي ليناقض مواقفه السابقة، فبعد غياب إستمر شهرعن التعليق على أحداث غزة أو إتخاذ أي موقف بشأنها، قام بزيارة الى مدينة صور في السابع من كانون الأول الفائت للتضامن مع أهل الجنوب حيث كان في إستقباله نواب وقيادات من حركة أمل وحزب الله.

وأكد الراعي خلال الزيارة أن “هذه الحرب خارجة عن كل الحضارة والقوانين الانسانية، وخاطب الراعي في حينها أهالي الجنوب قائلا: “نحن معكم في حاجاتكم ومعكم من اجل الصمود، ونحن نصمد بوحدتنا ونعرف ان عدونا يطمح دائما لقضم اراض من لبنان وهذا طموحه منذ زمن، ونحن معكم صامدون ومتضامنون ونحمل معكم القضية الفلسطينية، ولكن نشهد حرب ابادة، ليس فيها رحمة، هي حرب تدميرية مبرمجة، ولا نستطيع ان نتفرج على ابادة شعب، واتينا للتكاتف ومن اجل الصمود”.

وكان الراعي تحدث في مناسبات وعظات عدة بنفس هذه الروحية التي تستنكر الابادة الجماعية وتدعو الى تحييد لبنان، وهذا ما تمارسه المقاومة حيث نجحت حتى اليوم في منع إسرائيل من شن عدوان عليه، لكن تغييرا صادما طرأ على موقف البطريرك ترجمه في عظة الأحد التي حملت الكثير من التأويلات والتحليلات، التي أشار بعضها الى إستمرار التناقض الصادم في عظات صاحب الغبطة من ملف رياض سلامة وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، الى التعاطي مع الحكومة، الى رئاسة الجمهورية، الى إرضاء القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب، الى الحرب، ومن ثم الى بدعة ثقافة الموت!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal