قصر نوفل في طرابلس.. مركزٌ ثقافي ورمزٌ تراثي!.. هدى المصري

يعتبر قصر نوفل العثماني الطراز من مباني طرابلس التراثية والجميلة جداً، وهو المعروف اليوم بمركز رشيد كرامي الثقافي بعد أن حوّلته البلدية الى مكتبة عامة ومكان لتنظيم المحاضرات والمعارض الثقافية.

بُنيَ القصر بواسطة قنصل روسيا في طرابلس قيصر نوفل عام 1895 حيث سكن فيه مع عائلته. وعلى الرغم من عدم معرفة الكثيرين عن تفاصيل حياته الدقيقة، إلا أنه يُعد من أبرز رجالات طرابلس في القرن التاسع عشر، فقد شغل مناصب عدة دفعةً واحدة في النظام العثماني.

وقد شكّل القصر في مطلع القرن العشرين معلما معماريا مميزا، بتصميم مهندسين إيطاليين وبمواد مستوردة من إيطاليا، وفي حينها تميز بقرميده المستورد من مرسيليا لكونه الأكبر في وسط طرابلس، بالإضافة الى تصميمه الفريد، كما يشتهر القصر بزخرفاته الداخلية العائدة بنقوشها الى حضارة عريقة من الفن والإبداع.

قبل تسميته بمركز رشيد كرامي الثقافي البلدي تكريماً لرئيس الحكومة الشهيد رشيد كرامي عام 1987 بعد إغتياله في الأول من حزيران بتفجير استهدفه في طوافة عسكرية، خلال إنتقاله من طرابلس الى بيروت، مرّ القصر بعدة أدوار حيث أُعلن أنه مركزاً ثقافياً تابعاً للبلدية، وسبقها تحوله تارّة لمطعم وتارّة لحانة أو ملهى ليلي للضباط الفرنسيين أثناء الانتداب الفرنسي.

وقبل أن تمتلك الدولة اللبنانية عام 1968 القصر وهب آل نوفل حديقة القصر إلى البلدية التي حولتها لاحقا إلى منتزه عام يُعرف باسم “المنشية” أو الماشية بالعامية، وبات يومها أول حديقة عامة في كل لبنان.

الحديقة معروفة بمساحتها الكبيرة وبالاشجار المعمرة اضافة الى نافورة مياه تعمل خاصة في فصل الصيف لتلطف الاجواء الحارة، وتعتبر المتنفس الوحيد للعاطلين عن العمل.

للمنشية خمسة مداخل رئيسية تفتح أبوابها منذ ساعات الصباح وتقفل في المساء، الاول يؤدي الى ساحة التل، والثاني الى شارع الروكسي، والثالث الى مقر البلدية، والرابع الى شارع عزمي والخامس الى مقهى “نغرسكو”.

أنشئت “المنشية” بداية القرن العشرين وهي تشكل جزءاً مهما من تاريخ الطرابلسيين حيث كانت شاهدا على التحركات الشعبية ضد الاستعمار والاحتلال والمطالبة بالاستقلال ابان الاحتلال الفرنسي.

عقود مرت على حديقة “المنشية” وما تزال تحافظ على صورتها وخصوصيتها التي بنيت على اساسهما حيث لم تعمل بلدية طرابلس على القيام بأية مشاريع تنسجم مع الالفية الثالثة، فبعد عناء طويل ومطالبات ملحة تم إعادة احياء هذه الحديقة وترتيبها بعد سنوات من الإهمال واللامسؤولية. لتصبح مكاناً يرتاحُ فيه الكبير والصغير الطرابلسي وغير الطرابلسي.

 


Post Author: SafirAlChamal